عزّ قائلا : (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً)(١) ، ثمّ لمّا كان العلم بالمسالك والممالك من توابع علم الهيئة ، وكان كتاب تقويم البلدان للسّلطان الملك المؤيد إسماعيل بن عليّ بن محمود بن محمّد المعروف بصاحب حماة صانه الله في العقبى عمّا يخاف منه وحماه أجود المصنفات في هذا الفن وألطفها ، وأحسن المؤلفات فيه وأشرفها ، لكونه مشتملا على زبدة كتب المتقدّمين وخلاصة زبر المتأخّرين ، فوربّ السّماء والأرض إنّه لكتاب ما رأت عين الفلك الدّوار شبيهه (٢) في الأقطار ، وما سمعت أذان الثّوابت والسيارة نظيره في الاعصار : [الطويل]
كتاب فريد لا يرى طرف ناظر |
|
نظيرا له طرّا وإن هو أحول |
تكلّ عن وصف كماله الألسن ، وفيه ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين ، وكان قد حذا في تأليفه حذو ابن جزلة في تقويم الأبدان ، واعتبر الأقاليم العرفية في التّرتيب (٣) والبيان. أجريت في هذا الشأن القلم [بعون ذاري الأمم ، وبارىء النسم](٤) ؛ فرتبته على ترتيب حروف المعجم ، وأضفت إليه ما التقطته من مصنّفات المحققين (٥) ، واستنبطته من مؤلفات المدققين (٦) ، ليكون أخذه يسيرا ونفعه كثيرا ، وسميته بأوضح المسالك إلى (٧) معرفة البلدان والممالك. وجعلته تحفة لسدّة هي حيرة الجنان بهجة وبهاء وخدمة لعتبة (٨) هي غيرة الجنان نزهة
__________________
(١) سورة آل عمران آية ١٩١.
(٢) في (س) و (ر): «شبهه».
(٣) في الأصل : «الترتب».
(٤) زيادة من (ب).
(٥) في (ب): «الخلف».
(٦) في (ب): «السلف».
(٧) في (ر): «في».
(٨) في (ب): «لسدة» وفي (س): «لقبة».