ضفة البحر وأنزلوهم بدار ورأوا بتلك المدينة والجزيرة رجالا شقر الألوان طوال القدود ولنسائهم جمال مفرط يخرج عن الوصف فتركوهم في الدّار ثلاثة أيّام ، ثم دخل إليهم في اليوم الرّابع إنسان ترجمان وكلّمهم بالعربيّ (١) وسألهم عن حالهم فأخبروه بخبرهم ، فأحضروا قدّام الملك الذي لهم وأخبره التّرجمان بما أخبروه عن حالهم (٢) فضحك الملك منهم وقال للتّرجمان : قل لهم إني وجّهت من عندي في هذا البحر قوما ليأتوني بخبر ما فيه من العجائب ، فساروا مغرّبين شهرا حتّى أنقطع عنهم الضوء وصاروا في مثل الليل المظلم ، فرجعوا [٩ أ] من غير فائدة. ووعدهم الملك خيرا ، وأقاموا عنده حتّى هبّت ريحهم فبعثهم الملك مع قوم من أصحابه في زورق وكتفوهم وعصّبوا أعينهم وسافروا بهم مدة لا يعلمون كم هي ، ثم تركوهم على السّاحل وانصرفوا ، فلما سمعوا كلام النّاس صاحوا ، فأقبلوا إليهم وحلّوا عن أعينهم وقطعوا كتافاتهم (٣) وأخبروهم الجماعة بخبرهم وبلدهم ، فقال لهم النّاس : هل تدرون [كم](٤) بينكم وبين بلدكم؟ فقالوا لا! قالوا فوق شهر جدا ، فرجعوا إلى بلدهم. ولهم في أشبونة حارة معروفة مشهورة تسمّى حارة المغرورين (٥) إلى الآن.
وذكر في الخريدة (٦) أيضا : أنّ في بحر أوقيانوس من الجزائر العامرة والخراب ما لا يعلمه إلا الله ، وقد وصل الناس منها إلى سبع عشرة جزيرة ، فمنها الخالدتان وهما جزيرتان على كل واحدة منهما صنم (٧) مبني بالحجر الصلد ، طول كل صنم مائة ذراع ، وفوق كل صنم صورة رجل من نحاس يشير بيده إلى خلف
__________________
(١) في الأصل و (ب): «بالغربي».
(٢) في (س): «من حالهم» وفي (ر): «بما أخبروهم من حالهم».
(٣) وردت في جميع النسخ : «أكتافهم» وما أثبتناه من الخريدة.
(٤) سقطت من جميع النسخ وما أثبتناه من الخريدة.
(٥) في الأصل و (ب) و (ر): «المعررين» وفي (س): «المغررين» وما أثبتناه من الخريدة.
(٦) ابن الوردي : ٩٧ ـ
(٧) في (س): «منهم».