خريدة العجائب (١) قولا آخر في حقّ هذا العمود ، وهو أنّ هذه المنارة ترى على مسيرة يوم في البحر ، ويقولون إنّ في يده طلسما يمنع العدو ، وقيل : كتب على الكرة بالرّوميّ ملكت الدنيا حتى بقيت في يدي مثل هذه الكرة ، وخرجت منها هكذا لا أملك شيئا ، انتهى كلام صاحب الخريدة.
ثمّ إنّ ما نقله المؤلف من العزيزيّ غير صحيح لأنّ القسطنطينية على شكل المثلث فالزاوية الأولى منه فيما بين الشرق والجنوب قريبة من الشرق ، والزاوية الثّانية فيما بين الغرب والشّمال قريبة من الغرب ، والزاوية الثّالثة فيما بين الشرق والشّمال قريبة من الشّمال ، فالضلعان اللذان أحدهما من الزاوية الأولى إلى الزاوية الثّانية [وثانيهما من الزاوية الأولى إلى الزاوية الثالثة](٢) في البحر ، وأمّا الضلع الذي من الزاوية الثّانية إلى الزاوية الثّالثة ففي البرّ ، وليس لقسطنطينية جوانب أربعة حتى يصح ما ذكر في العزيزيّ ، وقبالة القسطنطينية في الجانب الشّرقي الشّماليّ من [١٧٥ أ] البرّ الآخر قلعة متوسطة في الصغر والكبر يقال لها غلطة ، وهي قلعة عامرة آهلة ، وبينها وبين القسطنطينية خليج دقيق عرضه نحو ميل ، ويمتد ذلك الخليج حتى يتجاوز الزاوية الثّالثة للقسطنطينية وإذا جاوزها بمقدار يسير فهناك قبر أبي أيوب الأنصاري صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، ثمّ يمتد ذلك الخليج إلى الشّمال والشرق حتى ينتهي إلى قرية يقال لها كاغدخانة ، ويصبّ من تلك القرية في الخليج المذكور نهر كبير عذب ، والخليج المذكور بعد أن يتجاوز قبر أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه يدق جدا. وقبالة القسطنطينية من البر الآخر الشّرقيّ قصبة يقال لها أسكدار وهي فرضة القسطنطينية من البرّ الشّرقيّ ، وهي أيضا عامرة آهلة وبها جوامع ومساجد.
وذكر في القانون المسعودي (٣) : أنّه بنيت بوزنطيا وهي القسطنطينية في أيّام
__________________
(١) ابن الوردي ٨٠.
(٢) ساقط من الأصل و (ر).
(٣) أبو الريحان البيروني ١ : ١٨٤ ـ