مهندم لا يستبين هندامه إلّا [٢١٥ ب] لحادّ البصر وحجارتهما منقولة من مسافة أربعين فرسخا من موضع يعرف بذات الحمام فوق الإسكندرية ولا يزالان ينخرطان في الهواء صنوبريا حتى يرجع دوريهما إلى مقدار خمسة أشبار في خمسة وشكلهما المربّع وليس على وجه الأرض بناء أرفع منهما منقور فيهما بالمسند كلّ سحر وطبّ وطلسم وفيه أني بنيّتهما فمن ادعى قوّة في ملكه فليهدمهما فإنّ أخراج الدّنيا لا يفي بذلك الهدم ، وكان يجمع يوسف عليه السّلام فيهما الطّعام وقالوا لا نعرف من بناهما. قال المتنبي (١) :
تتخلّف الآثار عن أصحابها |
|
حينا يدركها الفناء فتتبع |
أين الذي الهرمان من بنيانه |
|
ما قومه ما يومه ما المصرع |
وسمّي البحتري (٢) بانيهما فقال :
ولا كسنان بن المشلّل عندما |
|
بنى هرميها من حجارة لابها |
قاله علي البغداديّ.
وقال في القاموس (٣) : الهرمان بالتّحريك بناءان أولّيان (٤) بمصر ، بناهما إدريس عليه السّلام لحفظ العلوم فيهما عن الطّوفان ، أو بناء سنان بن المشلشل ، أو بناء الأوائل لمّا علموا بالطّوفان من جهة النّجوم ، وفيهما كلّ سحر وطبّ وطلسم وهناك أهرام صغار كثيرة.
وذكر القاضي صاعد بن أحمد بن صاعد في كتاب التّعريف بطبقات الأمم (٥) : أنّ إدريس عليه السّلام أوّل من أنذر بالطّوفان ، ورأى أنّ آفة سماويّة
__________________
(١) ديوان المتنبي بشرح البرقوقي ٣ : ١٣.
(٢) ديوان البحتري ١ : ٢٣٣.
(٣) الفيروزآبادي ١٥٠٩.
(٤) القاموس : «ازليّان».
(٥) طبقات الأمم ٥١.