تلحق الأرض من الماء والنّار فخاف ذهاب العلم ، ودروس الصّنائع فبنى الأهرام التي في صعيد مصر الأعلى ، وصوّر فيها جميع الصّناعات والآلات ، ورسم فيها صناعات (١) العلوم حرصا منه على تخليدها لمن بعده ، وخيفة أن يذهب رسمها من العالم. وقال الشّيخ الرئيس في طبيعيات الشفاء : وبالهرمين الذين بمصر على ما بلغني كتابات منها [ما](٢) لا يمكن إخراجه ومنها ما لا تعرف لغته ، وحكى لهذا العبد الضعيف رجل من أهل مصر أنّه إذا صعد الإنسان على [٢١٦ أ] سطح كلّ واحد من الهرمين ونظر إلى الأرض يرى في الأرض أناسا ومقابر وإذا نزل لم يرها أصلا ، وحكى لي أيضا أنّ بقرب الهرمين شخصا مصنوعا (٣) من حجر يسمّى بأبي الهول وكان في سالف الزّمان أنّه إذا ضاع متاع شخص يأتي إليه ويقول له إنّ متاعي قد ضاع فيخبره بمن أخذه وأنّ متاعه في أيّ مكان ، وصار الأمر على ذلك زمانا طويلا ، ثمّ كسر أذن ذلك الشّخص فبعد انكسار آذانه لم يتكّلم إلى الآن ، ويقال إنّه حين كسر أذنه راح إليه أناس وأخبروه بما ضاع من أمتعتهم فقال راح ذلك الزّمان بناسه وجاء هذا الزّمان بفاسه ، وأيّ من تكلّم كسر من رأسه ولم يتكلم بعد ذلك أصلا.
هرمز (٤) : في المراصد (٥) : ومن الناس من يسمّيها هرموز بزيادة واو ، من المشترك (٦) : بضمّ الهاء وسكون الرّاء المهملة وضمّ الميم وفي آخرها زاي معجمة ، مدينة من الثّالث من كرمان ، وهي فرضة كرمان ، وهي كثيرة النّخيل شديدة الحرّ ، وأخبرني من رآها في زماننا هذا أنّ هرمز العتيقة خربت من غارات
__________________
(١) في طبقات الأمم : «صفات».
(٢) ساقطة من الأصل.
(٣) في (س): «منصوبا».
(٤) تقويم البلدان ٣٣٨. وانظر : صورة الأرض ٤٩ ، ٣١١ ، أحسن التقاسيم ٤٦٦ ، نزهة المشتاق ١ : ٤٣٥ ـ ، معجم البلدان ٥ : ٤٠٢.
(٥) صفي الدين البغدادي ٣ : ١٤٥٧.
(٦) ياقوت الحمويّ ٤٣٩ ـ