وبين قصر اللصوص أربعة فراسخ وبينه وبين أسد أباذ ثلاثة فراسخ فاذا أراد الملك أن يتغذى اصطف الغلمان سماطين من قصر اللصوص الى موضع المطبخ وبينهما أربعة فراسخ فيتناول بعضهم الغضائر من بعض اليه وكذلك من المطبخ إلى أسد أباذ وبينهما ثلاثة فراسخ. وسميت بأسد أباذ بأسد ابن ذى السرو الحميرى (١).
ومنها إلى همذان. وهمذان مدينة دار ابن دارا وفى وسط همذان المدينة (٢) العتيقة وهى مدينة كبيرة مبنية على دكة يكون ارتفاعها ثلاثين ذراعا ولها أربعة أبواب طاقات عالية. وكان «دارا» بناها استحسانا للمكان وكان موضعها أجمة مسبعة فلم تزل حتى غيض الماء عنها وبنى المدينة فيها. وقد قيل انها كانت قديمة وأن «دارا» لما زحف اليه «ذو القرنين» (٣) شاور وزراءه فى مدينة حصينة يحرز فيها حرمه وكنوزه فقال له بعضهم أعرف مدينة خرابا بين جبال شامخة وطرق وعرة ان بناها الملك وأحرز فيها ذخائره ووكل بحفظها أربعة ألف من ثقاته امتنعت على كل من رامها. ووصفها له فسار اليها دارا حتى رآها وعلم أنها تمتنع على من أرادها فبناها وجعل فيها خزائن غامضة لامواله وكنوزه وجمع فيها حرمه ووكل بها ثقاته فلما كان من أمره مع دارا ما كان أنفذ اليها ذو القرنين جيشا عظيما فأقام عليها مدة لا يقدر على فتحها فهم [صاحب الجيش] بالانصراف
__________________
(١) أسد بن ذى السرو الحميرى : هذا الاسم لا يوجد إلا فى هذه «الرسالة الثانية» لأبى دلف وفى اقتباس مجهول من الرسالة عند ياقوت : ج ١ ص ٢٤٥.
(٢) كلمة «المدينة» توجد عادة فى مؤلفات الجغرافيين العرب فى القرن العاشر فى ثلاثة معان : مدينة داخلية أو مدينة أساسية أو رئيسية ، وفى هذا النص يقصد بها «مدينة داخلية».
(٣) ذور القرنين هو اسم الاسكندر المقدونى.