وكان قبل ذلك قد ظفر ببعض بنى أخيه بخديعة دبّرها وقيدهم ، فوجدوا بحلقة فأطلقوا ، وبعض الحروب بينهم وبين عمهم فى آخر سنة أربع وعشرين ، وأكثرها فى سنة خمس وعشرين ، وأنجد الشريف حسن أولاد وبير بخيل وسلاح ورجال ، وعزم على المسير إلى ينبع لنصرتهم ، فأتاه للفور مقبل خاضعا ، فأكرمه وأعرض عن توجهه لينبع ، وسأله مقبل فى المسير معه لينبع ، فلم يفعل ، واعتذر له بوصول كتاب صاحب مصر إليه ، بأن يسعى فى تحصيل مقبل ، وشرط على مقبل أن يبين عنه رميثة ومن معه.
ولما عرف رميثة بذلك ، قصد عجلان بن نعير بن منصور بن جماز بن شيحة الحسينى ، أمير المدينة النبوية ، فى أن يشفع له إلى عمه فى الرضا عنه ، ويلتزم طاعة عمه ، فأتى عجلان للشريف حسن مستشفعا ، فأجابه لقصده ، وحضر إليه ابن أخيه رميثة ، فأكرمه وأمره بمباينة من كان معه من جماعة عجلان ، فرجعوا لينبع.
وذلك فى ربيع الأول من سنة ست وعشرين وثمانمائة ، ولم يقو بعد ذلك أحد من الأشراف ، ولا من القواد ، على معاندة الشريف حسن ، وتغير خاطره على ابنه السيد إبراهيم ، لكونه أوى إليه الأشراف ذوى راجح بن أبى نمى.
وكان أبوه أمره بإبعادهم فلم يفعل ، ومضى بهم وبمن انضم إليهم من بقية آل أبى نمى وغيرهم ، إلى صوب اليمن. وانتهوا إلى الواديين وباليمن ، وقطع ذكر إبراهيم فى الخطبة بمكة ، وفى الدعاء على زمزم بعد المغرب ، وأتى إلى صوب مكة بمن معه فى شهر رجب من سنة ست وعشرين وثمانمائة ، ونزلوا بوادى مرّ.
وكان أبوه إذ ذاك بالشرق ، فقصده فلم ير منه إقبالا. وكان قد أعان أخاه السيد بركات بخيل ونفقة ، على أن يسيروا وراء الأشراف ، فساروا وراءهم إلى صوب اليمن ، ثم وصل الشريف حسن من الشرق إلى مكة ، فى رمضان من هذه السنة ، وسكنت الفتنة بين الأخوين وجماعتهم ، فاطمأنوا ، وأتاه كتابان من الملك الأشراف صاحب مصر ، الأول : يتضمن كثرة العتب عليه لأخذه فلفل التجار الواصلين إلى جدة من كاليكوط بالهند ، مجورين على عدن ، وأمره برد ذلك إليهم بخطاب فيه عنف. والثانى : يتضمن كثرة تعظيمه ، وفيه ما معناه : أنه بلغنا عنك تحيلك أنا نريد بك الاستبدال ، ولا يعقل لمكانتك عندنا ، وإن غبت عن عيننا ، فأنت فى القلب ، وما كنا نولى فى حرم الله تعالى أحدا من الترك. فإن ينبع دون ذلك ، ولم نول فيها إلا شريفا ، ووصلنا كتابك يتضمن طلبك منا خاتم الأمان ومنديل الرضا ، وقد جهزنا لك ذلك ، فطب نفسا وقر عينا ،