وسألتنا فى استنابة ابنك الشريف بركات فى إمرة مكة ، وما نثق فى ذلك إلا بك ، وفى ذلك سبب للشحناء بين الأخوة. فإن أردت ذلك ، فاستنبه وباشر خدمة المحمل الشريف والأمراء. انتهى.
وفيه سوى ذلك من تعظيمه وغيره ، وأتاه هذا الكتاب فى أوائل ذى القعدة من هذا السنة.
وفى أوائل النصف الثانى من ذى القعدة ، بان الشريف حسن عن مكة لصوب اليمن ، وقدمها فى أثناء العشر الأخير من ذى القعدة ، جماعة من الأمراء المقدمين الألوف بمصر ، والطبلخانات وغيرهم من الترك ، ما لا يعهد مثله فى الكثرة ، وراسلوا الشريف حسن فى الوصول إلى مكة ، فلم يصل واعتذر بالضعف ، ولا يمهم ابنه السيد بركات أياما. ولاقى أمير الراكب الأول ، ثم أمير المحمل ، وخلع عليه من عنده ، ولم يمكنه من خلعة إمرة مكة المجهزة لوالده ، وشاع فى الناس أن الأمير قرقماس ، أحد الأمراء الواصلين لمكة ، يقيم بها مع على بن عنان بن مغامس بن رميثة. وبلغ ذلك السيد حسن فكثر تضرره. ولما أيسوا من وصوله ، بعثوا لرميثة فى يوم عرفة ، فلم يصل ، وحرس الأمراء الحجاج حراسة حسنة فى توجههم لعرفة ورجوعهم إلى منى ، وباتوا بها فى ليلة التاسع إلى الفجر أو قربه.
وفى يوم النحر ، اجتمع السيد بركات ببعض الأمراء بمكة وخدمهم عن أبيه بخمسة آلاف أفلورى ذهبا أو ستة فيما قيل ، وسافروا من مكة ولم يحدثوا بها حدثا ، وما تخلف منهم أحد بمكة.
وأقام منهم الأمير قرقماس بينبع بعد سفر الحجاج منها ينتظر ما يؤمر به ، وجاءه الخبر بأن رسم بتجهيز العسكر بمكة ، وبأمر أهل ينبع والصفراء والمدينة بالمسير مع العسكر لمكة ، وكان الشريف مقبل صاحب ينبع توجه مع الأمراء بمصر فأكرمه السلطان. وسهل الأمر فى حصول غرض السلطان بمكة. وكان وصوله لمصر ، بعد إطلاق ولده من السجن بمصر ، والإنعام عليه بنصف إمرة ينبع شريكا لابن عمه عقيل بن وبير ، أحمد الله العاقبة.
وكان مما حدث بعد ذلك ، أن فى يوم الجمعة نصف ربيع الآخر سنة سبع وعشرين وثمانمائة ، وصل الخبر إلى مكة ، بأن الشريف علىّ بن عنان بن مغامس بن رميثة الحسنى ، توجه إلى مكة فى عسكر من مصر ، وبعد أيام قليلة فارق مكة من كان بها من جماعة الشريف حسن بن عجلان ، وتوجهوا إليه بصوب اليمن.