الظهر ، فقال له المسلمون : ننشدك الله يا خليفة رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن تعرّض نفسك ، فإنك إن تعرّض نفسك لم يكن للناس نظام ، ومقامك أشدّ على العدو ، فابعث رجلا ، فإن أصيب أمّرت آخر ، فقال : والله لا أفعله ولأواسينّكم بنفسي فخرج في تعيية إلى ذي حسا وذي القصّة والنعمان وعبد الله وسويد على ما كانوا عليه ، حتى ينزل على أهل الربذة بالأبرق ، فاقتتلوا فهزم الله الحارث وعوفا (١) وأخذ الخطبة أسيرا فطارت عبس وبنو بكر ، وأقام أبو بكر على الأبرق أياما ، وقد غلب بني ذيبان على البلاد ، وقال : حرام على بني ذيبان أن يتملكوا على هذه البلاد إذ غنّمناها الله وأجلاها ، فلما غلب على أهل الردّة دخلوا في الباب الذي خرجوا منه ، وسامح الناس خاف بنو ثعلبة ومن كان ينازلهم لينزلوها ، فمنعوا منها ، فأتوه في المدينة ، فقالوا (٢) : على ما نمنع من لزوم بلادنا ، فقال : كذبتم ليست لكم ببلاد ولكنها موهبى ونقدتي ، ولم يعتبهم وحما الأبرق لخيول المسلمين وأرعى سائر بلاد الربذة الناس على بني ثعلبة ، ثم حماها كلها لصدقات المسلمين لقتال كان قد وقع بين الناس وبين أصحاب الصدقة ، فمنع بذلك بعضهم من بعض.
ولما فضّت عبس وذبيان أرزوا إلى طليحة وقد ترك طليحة على البزاخة وارتحل عن سميراء إليها ، فأقام عليها ، وقال زياد بن حنظلة في يوم الأبرق :
ويوما بالأبارق قد شهدنا |
|
على ذبيان يلتهب التهابا |
أتيناهم بداهية بسيف (٣) |
|
مع الصّدّيق إذ نزل العتابا |
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر أحمد بن الحسين.
ح وأخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، أنا أبو بكر محمّد بن هبة الله ، أنا أبو الحسين محمّد بن الحسن ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب بن سفيان ، نا الحجّاج بن أبي منيع ، نا جدي ، عن الزهري ، قال : لما استخلف الله أبا بكر فارتدّ من ارتدّ من العرب عن الإسلام خرج أبو بكر غازيا حتى إذا بلغ نقعا (٤) من نحو البقيع خاف على
__________________
(١) بالأصل : وعوف.
(٢) بالأصل : فقال.
(٣) الطبري : «نسوف» أي الشاقة.
(٤) النقع : الماء المجتمع (اللسان).