يبكون بالدين للدنيا وبهجتها |
|
أرباب دنيا ، عليهم كلهم صادي |
لا ينظرون لشيء من معادهم |
|
تعجلوا حظهم في العاجل البادي |
لا يهتدون ولا يهدون تابعهم |
|
ضل المقود ، وضل القائد الهادي |
أخبرنا أبو غالب وأبو عبد الله ابنا البنّا (١) ، قالا : أنا أبو جعفر ، أنا أبو طاهر ، أنا أحمد بن سليمان ، نا الزّبير ، حدّثني عمي مصعب بن عبد الله ، حدّثني حمّاد بن عطيل بن فضالة بن روّاد الليثي وكان حمّاد قد بلغ مائة سنة وسنتين (٢) ـ قال :
رأيت عبد الله بن عروة في سنيات خالد بن عبد الملك بن الحارث بن الحكم (٣) بن أبي العاص ، وكان خالد واليا لهشام بن عبد الملك على المدينة سبع سنين ، فقحط المطر في تلك السبع ، فكان يقال لها : «سنيّات خالد» ، فجلا الناس من بادية الحجاز ، فلحقوا بالشام ، قال : فحدثني حماد بن عطيل قال : فحضرت عبد الله بن عروة بن الزبير في أمواله بالفرع (٤) : تدخل الناس في مربد تمره طرفي النهار : غدوة فيتغدون ، وعشية فيتعشون ، فما زال كذلك (٥) يفعل حتى أحيا الناس.
قال : ونا الزبير قال : وحدّثني عمي مصعب بن عبد الله ، قال : حدّثني حمّاد بن عطيل بن فضالة بن رداد الليثي قال : جلونا مرة إلى الشام في جهد أصاب (٦) الناس ، ثم رجعنا فوجدنا عبد الله بن عروة قد هدم الثلم وكسر الوشع (٧) ، وأمرج (٨) الناس في أموال أبيه ، وجنى لهم ، فأطعمهم.
قال : وكان عروة بن الزبير يرسل عبد الله بن عروة يجد أمواله ويبيعها ، فكان كل عام يدق الثلم ويكسر الوشع ويجني للناس ، فيطعمهم ثم يجد وشع ويأتي إلى أبيه بثمن ذلك. فقال يحيى بن عروة لأبيه : إن عبد الله يهدم الثلم ويكسر الوشع ويبذّر ثمرك
__________________
(١) الخبر في نسب قريش للمصعب الزبيري ص ٢٤٦.
(٢) بالأصل : وسنين ، والمثبت عن نسب قريش.
(٣) نسب قريش : الحكيم.
(٤) الفرع قرية من نواحي المدينة على طريق مكة (ياقوت).
(٥) عن نسب قريش ، وبالأصل : بذلك.
(٦) بالأصل : أصار ، والمثبت عن المختصر ١٣ / ١٣٩.
(٧) الوشع جمع وشيع ، والوشيعة حظيرة الشجر حول الكرم والبستان.
(٨) يقال : أمرج الدابة وغيرها : إذا أرسلها ترعى في المرج وتذهب حيث شاءت.