السياسية التي كانت تدخل في العصور السابقة إلى أروقته ومحاريبه ومعاهده ، هدامة ، قاطعة ما بين الأزهر والناس من أسباب ، واستغلال بعض الناس له ، حفاظا على منصب ، أو تملقا لذي سلطان.
ولكن الأزهر ـ مع ما انتابه في بعض الأحايين من الحيرة والتردد ـ يسير اليوم منطلقا إلى غاياته وأهدافه ومثله ، يتطلع في نظرة الواثق إلى المستقبل ، ويحتقر هؤلاء المترددين والحائرين والمعوقين ، وتنظر مئذنته الشماء في سخرية وإشفاق واحتقار ، إلى الذين يحاولون أن يبنوا وأن يهدموا ، فلا يستطيعون هدما ولا بناء.
والأزهر اليوم يأبى النوم والحياة حوله صاخبة مضطربة متحركة ، وهو يكره اللهو وقد خلقه الله وخلق الحياة للعمل والجد والحيوية والنشاط.
وإذا كانت أول خطوة لفهم الإنسان لنفسه ولرسالته في الحياة هي أن يعرف تاريخه ، ويعي ماضيه ، ويدرس ما يتصل به من مقومات وخصائص وتراث ، فإن هذا الكتاب لمما يساعد على هذه الدراسة وتلك المعرفة وهذا الوعي ؛ التي هي العنصر الأول في البعث واليقظة والإحياء (١) .. وإني لأقدمه إلى القارىء ، معتزا بأني أقدم له ثمرة مجهود شاق ، وبتوفيق الله الذي لا ينساني ، وما توفيقي إلا بالله ...
المؤلف
__________________
(١) راجع كتابات لي عن الأزهر في :
ـ ص ١٤٧ قصص من التاريخ ـ للمؤلف : قصة الأزهر الجامعي بعد عشرين عاما.
ـ ص ٥٠ نداء الحياة ـ للمؤلف : الأزهر الخالد.
ـ ص ٥٨ نداء الحياة ـ للمؤلف : الأزهر العظيم.
ـ ص ٦٥ نداء الحياة ـ للمؤلف : رسالة الأزهر في القرن العشرين.
ـ ص ٥٥ فصول من الثقافة المعاصرة ـ رسالة الأزهر في النصف الثاني من القرن العشرين.