«وله من التصانيف حاشية على شرح الألفية لابن المصنف. وحاشية على شرح العضد كتب منها يسيرا ، ورسالة في الإعراب وأجوبة على اعتراضات ابن المقري علي الحاوي وله كتاب في التصريف ، وآخر في التوقيع».
هذه خلاصة وافية لما كتبه الشيخ جلال في ترجمة والده ، وقد أسلفت أنه تركه بالموت وهو في سن السادسة. فكيف ـ وهذه هي الحال ـ كتب ترجمة أبيه المتوفى ، وكيف تأثر بحياته؟
إنه لم يشاهد من حالات والده إلا حالة واحدة ساعده على مشاهدتها أنه كان يقوم بها في منزله ، أما غيرها فلم يشاهده فيها. هذه الحالة هي التي حدثنا عنها بقوله :
«... مواظبا على قراءة القراآن ، يختم كل جمعة ختمة ، ولم أعرف من أحواله شيئا بالمشاهدة إلا هذا».
وقد وجد عند والده كل آثاره العلمية والأدبية فحببه ذلك في الانقطاع لطلب العلم والأدب.
بيئة جلال الدين العلمية هي بيئة الأزهر الشريف بكل خصائصها الحقبة التي انتسب فيها جلال الدين إلى الأزهر هي منتصف القرن التاسع الهجري. وكان في الأزهر في ذلك الوقت قد قطع في بعثه الجديد أشواطا فإنه بعد أن عطله عن الحياة حسا ومعنى ـ السلطان صلاح الدين الأيوبي ، ليزيل بذلك كل أثر للفاطميين. واستبدل به مدارس تدرس فيها المذاهب الأربعة ـ بعد هذا جاء عهد السلطان الظاهر بيبرس من ملوك الجراكسة ، فقد ولي هذا السلطان ملك مصر عام ٦٥٨ هجرية وكان ـ أول ما عني به من الشؤون ـ بعث الأزهر بعثا جديدا بترميمه بعد التهدمة ، وبإعداده ليكون معهدا علميا تدرس فيه العلوم الدينية ، كما تدرس فيه العلوم العقلية مثل (المنطق ـ آداب البحث والمناظرة) أما علوم التاريخ والجبر والمقابلة والإنشاء والأدب ، فلم يكن لها نظام معين تدرس