قيام الدولة الفاطمية :
حضر عبيد الله إلى بلاد المغرب ، وظل ملكا عليها مدة كبيرة (٢٩٧ ـ ٣٢٢ ه : ٩١٠ ـ ٩٣٤ م) ، كان الأمر فيها كله بيده ، وأخضع قبائل العرب ، والبربر ، ودان له الحاكم المسلم الوالي على جزيرة صقلية ، وجاهد في سبيل نشر الدين ومحاربة البدع في تلك البلاد ، وكان من أكبر أمانيه فتح مصر ، فأرسل لغزوها ثلاثة جيوش : اثنين منها بقيادة ابنه «أبي القاسم» فحال دون نجاحه عدة أمور ، منها مجاعة في المغرب حدثت عام ٣١٦ ه ، ووباء فشا في أحد هذه الجيوش ، وفتكت عدواه بأهل المغرب .. وشغل عبد الله بالأمور الداخلية باقي حياته.
وفي عام ٣٢٢ ه ـ ٩٣٤ م خلفه ابنه الأكبر «القائم بأمر الله أبو القاسم محمد» ، فبذل غاية همته في توسيع نطاق ملكه ، وأرسل أسطولا أغار على شواطىء إيطاليا وفرنسا والأندلس ، وأرسل جيشا إلى مصر هزمه الإخشيد ، ووطد ملكه في شمال إفريقية.
وخلفه «المنصور إسماعيل» سنة ٣٣٣ ه ـ ٩٤٥ م ، فسار في الملك سيرة أبيه نحو سبع سنوات.
ولما مات خلفه ابنه «المعز لدين الله أبو تميم معد» سنة ٣٤١ ه ـ ٩٥٣ م ، فكانت أيامه مبدأ عصر جديد في تاريخ الفاطميين ، وكان مثقفا ثقافة عالية ، سياسيا داهية ، وطد ملكه في بلاد المغرب ، فدانت له جميع رؤساء القبائل المغربية ، وخضعت له مراكش بأكملها حتى شواطىء المحيط الأطلسي .. ثم صرف همه لفتح مصر ، فحفر الآبار ، وبنى أماكن للاستراحة في الطريق الموصل إليها ، وكانت مصر وقتئذ في اضطراب لحقها عقب وفاة كافور ، ولم يكن في وسع خلافة بغداد مساعدتها لاشتغالها بصد غارات القرامطة ، وكان دعاة المعز ينشرون دعوتهم في أنحاء كثيرة من القطر المصري .. ووكل المعز قيادة الجيش الفاتح إلى أكبر قواده ، وهو جوهر الصقلي الرومي الأصل ، وكان تحت