في القوانين السابقة من نقص في مواد التعليم على اختلاف مراحله ، فقد جعل من مواد الدراسة في الكليات : تاريخ التشريع الإسلامي ، ومقارنة المذاهب ، وفن الحديث دراية ، وآداب اللغة العربية وتاريخها ، وفقه اللغة ، وتاريخ الأمم الإسلامية ، وعلم النفس ، والفلسفة ، مع الرد على ما يكون منافيا للدين منها ، وغير ذلك من المواد التي لم تكن تدرس في القسم العالي من الأزهر الشريف.
ولما كان التخصص في العلوم هو الطريقة المنتجة التي جرى عليها علماء الاسلام في أوائل العصور ، وإليها يرجع الفضل في تقدم العلوم وارتقائها قديما وحديثا ، نص هذا القانون على إنشاء أقسام للتخصص في المواد التي تعني بها الكليات ، للتبحر فيها ، وعلى منح المتخرجين منها شهادة العالمية مع لقب أستاذ ، وعلى جعلهم أهلا لشغل كراسي الأستاذية في الكليات ، كما نص على إنشاء أقسام للتخصص في التدريس والقضاء الشرعي والوعظ والإرشاد ، يكون متخرجوها أهلا للتدريس في مدارس الحكومة والمعاهد وتولي الوظائف الشرعية والدينية في الدولة.
وإذا كانت كليات الأزهر ستكون في دور خاصة في حيّه وبحواره ، فإن نفس الجامع الأزهر سيكون معمورا بالدروس على اختلاف أنواعها ، مفتح الأبواب لقاصديه ، من المسلمين على اختلاف طبقاتهم ، غير مقصور على إقامة الصلاة.
ولقد كان لصدور هذا القانون وانتشار أنبائه وقع حسن عظيم في نفوس المسلمين في عامة الأقطار ، وقد ابتدأت البعثات تتوارد وتتتابع : من الصين وبولونيا وألبانيا ، والهند ، وغيرها ، للاغتراف من هذا المنهل العذب. وأخذت الجامعات الكبرى تتصل بالأزهر الشريف ، وكان منها جامعة غرناطة ، التي لبى الأزهر الشريف دعوتها إلى الاحتفال بمرور القرن الرابع على تأسيسها».