فلم يكن للأزهر إذن شيخ من قبل عهدهم يتولى رياستة الدينية.
ويدير شؤونه الإدارية. بل كان يتولاه الولاية العامة سلاطين مصر وأمراؤها ، كباقي المساجد الجامعة بالديار المصرية. ويباشر شؤونه الداخلية مشايخ المذاهب الأربعة وشيوخ الأروقة يعاونهم خطيب المسجد. والمشرف ومعاونوه من العمال والخدم .. وبقي هذا النظام متبعا في الجامع الأزهر غالبا مدة حكم الفاطميين والأيوبيين والمماليك الأولى (البحرية) ، وفي عهد سلطنة الملك الظاهر برقوق ، أول سلاطين المماليك الثانية (البرجية) عين للأزهر : «ناظر» سنة ٧٨٤ ه (١٣٨٢) ، وكان «ناظر الأزهر» يختار من بين كبار موظفي الدولة ، وكان هذا «الناظر» هو الأمير «بهادر» الطواشي كبير المماليك السلطانية ، وكان «ناظر الجامع الأزهر» ينوب عن سلطان مصر ، أو حاكمها ، في الإشراف على شؤون الأزهر ، والقيام على تنفيذ الأوامر والأحكام السلطانية ، والسهر على رعاية مصالح الجامع الأزهر ، ومصالح أهله من علماء وطلاب. وقد عرف من «نظار» هذا العهد المملوكي أيضا الأمير «سودوب» القاضي وحاجب الحجاب ، ولي «نظارة الجامع الأزهر» سنة ٨١٨ ه (١٤١٥ م) .. ولما استولى الأتراك العثمانيون على مصر سنة ٩٢٣ ه (١٥١٧ م) ساروا على نهج من سبقهم من سلاطين مصر وأمرائها ، فحافظوا على الأوضاع المرعية في الأزهر ، واهتموا برعاية شؤونه ، والسهر على مصالح أهله ، واقتدى الولاة العثمانيون بسلاطين آل عثمان فعرفوا لهذا المعهد العلمي الديني الإسلامي حقه من الرعاية والتقدير ، وجددوا به كل دارس ، وزادوا في عمارته ، ووسعوا من رقعته ، وأوقف الأمراء ، والولاة وكبار رجال الدولة والأعيان الكثير من الأموال والأملاك ، والعقارات على علمائه وطلبته ، فاتسعت إدارته ، وتشعبت مصالح أهله ، وأصبحت الحاجة ماسة إلى وجود شخص يتفرغ للإشراف على شؤون هذا المعهد الدينية والإدارية معا ، ويكون رئيسا لشيوخ المذاهب والأروقة ، وسائر علماء الأزهر وطلابه ، ومسؤولا مباشرة أمام الولاة والسلاطين ، وحلقة اتصال بين الحكومة وأقسام الأزهر