ووليه أبو تميم معد الإمام المعز لدين الله أمير المؤمنين صلوات الله عليه وعلى آبائه وأبنائه الأكرمين ، على يد عبده جوهر الكاتب الصقلي ، وذلك في سنة ستين وثلثمائة».
وقد أطلق على هذا المسجد اسم الأزهر ، نسبة إلى فاطمة الزهراء التي ينتسب إليها الفاطميون ، أو لأنه كان يحيط به قصور فخمة ، تسمى بالقصور الزهراء ، أو لأنه يظن أن هذا الجامع أكثر الجوامع فخامة ورواء ، أو للتفاؤل بأنه سيكون أعظم المساجد ضياء ونورا.
وضع يوم السبت ٢٤ جمادى الأول سنة ٣٥٩ ه الحجر الأساسي له «وظل العمال والمهندسون يعملون في بنائه عامين تقريبا حتى جاءت أول جمعة رمضان سنة ٣٦١ ه ، فجمعت فيه ، باحتفال رسمي هائل ، تجلت فيه أبهة الملك وسؤدده وعظمته ، التي اشهر بها الفاطميون أكثر من سواهم. والمقريزي يصف لنا هذا الاحتفال وصفا شائقا يفيض روعة وجلالا.
وبعد أن استقر سلطان المعز ، وتم بناء المعقل الذي أقامه للدعوة ، أفرغ جهده في إحكام دولته وتنظيمها ، ووفق في ذلك أكثر توفيق ، وقطع المعز الفاطمي كل علاقة بينه وبين الخليفة العباسي ، وقضى على كل صلة روحية له في مصر ، فقصر التدريس في الأزهر على المذهب الفاطمي في الفقه ، وتعاليم الفقه ، وتعاليم الشيعة في الدين والفلسفة والتوحيد ، واستجلب لهذه الدراسة أكابر العلماء وفطاحل الفقهاء في عصره ، وكان عددهم ثلاثين عالما ، أجزل لهم العطاء وبنى لهم منازل فخمة ألحقت بالأزهر فيما بعد ، وصارت من أروقته ، وشرعوا يدرسون ويتفقهون في مذاهب الفاطميين وتعاليمهم ويهدمون بذلك المذاهب الأخرى التي كانت شائعة في بغداد مقر الخلافة وسائر البلاد الإسلامية ، وكانت هذه النخبة الممتازة من الأساتذة وعلى رأسها كبير العلماء «أبو يعقوب قاضي الخندق» سببا من الأسباب التي جعلت الأزهر يصبح