ولم يرث فضيلة الشيخ محمد مأمون الشناوي شيئا عن أبيه. وظل لا يملك إلا مرتبه ، حتى رأى في سنة ١٩٣٠ أن يستبدل بجزء من معاشه قطعة أرض زراعية هي كل ما كان يملك من حطام الدنيا ..
وكان رحمه الله قوي الإيمان ، كثير تحري العدالة ، يحب الهدوء والنظام ، ويشتد في الحق ، ويسوس من مرؤسيه باللين والعطف ، ويقسو أحيانا للتأديب .. وكانت داره في الحلمية الجديدة محط أهل الفضل والعلم والأدب .. وقالت مجلة الأزهر في تأبينه : «انتقل إلى الدار الآخرة في اليوم الرابع من شهر سبتمبر سنة ١٩٥٠ العالم الشيخ محمد مأمون الشناوي شيخ الجامع الأزهر متأثرا بداء عضال ألم به نحو ثلاثة أشهر ، فكان لنعيه أسف عميق لدى كل من عرفه وغشى مجلسه ، لما كان عليه ، رحمه الله ، من محاسن الشيم ، والتواضع ، وحسن الإصغاء لذوي الحاجات.
وقد تلقى رحمه الله العلم في الأزهر ، ونال درجة العالمية في سنة ١٩٠٦ ، وعين مدرسا في معهد الاسكندرية ، ثم تولى القضاء بالمحاكم الشرعية ، وتقلب في وظائفها واشتهر فيها بإيثار العدل والإنصاف. وفي سنة ١٩١٦ اختير ليكون إماما في السراي فظل في هذا المنصب نحو خمس سنين ، وفي سنة ١٩٣١ ، حين وضع للتدريس بالأزهر نظام جديد ، وقسمت الدراسة العالية فيه إلى ثلاثة فروع ، وأنشئت لها كليات ثلاث : واحدة للشريعة وأخرى لأصول الدين ، وثالثة للغة ، اختير الشيخ رحمه الله شيخا لكلية الشريعة ، فمكث يشغل منصبه فيها بكفاية محمودة ، وعمل قرابة ثلاث عشرة سنة. وفي سنة ١٩٤٤ أسندت إليه وكالة الجامع الأزهر ، وكان المرحوم الشيخ مصطفى المراغي شيخا له ، فلبث في هذا المنصب حتى توفي الأستاذ المذكور ، وترددت الحكومة في تخير رجل كفء لشغل منصب المشيخة ، فوقع الاختيار على المرحوم الأستاذ مصطفى عبد الرازق ، فرأى أن قانون الأزهر يشترط فيمن يتولى هذه الوظيفة أن يكون من هيئة كبار العلماء. ولم يكن الأستاذ المذكور منها ، فاستحسن أن ينقح هذا القانون حتى يتسع لتعيين