أعمال وحشية ، فأزالوا القرى الآمنة من الوجود بدباباتهم ، وهدموا البيوت بمدافعهم الثقيلة ، وشردوا النساء والأطفال الأبرياء ، وانتهكوا كل الحرمات ، واعتدوا على المساجد والكنائس ، ولم يبق جرم إلا ارتكبوه ، ولا شناعة إلا فعلوها. ولم تقف شناعتهم عند حد ، فراحوا يطلقون النار على حفظة الأمن ورجال الشرطة ، ويقتلونهم تقتيلا في رائعة النهار ، ويأسرون من نجا منهم ...».
«وإني باسم الأزهر علمائه وطلابه لأعلن استنكاري لهذا الإجرام الفظيع الذي انتهكت فيه الأعراض ، واستبيحت الأموال واعتدى على حرية الإنسان وحقه المشروع في أن يطالب بحريته واستقلاله ، واحتج بشدة على هذه الأعمال العدوانية التي تنافى جميع الشرائع والأديان. وأهيب بالضمير العالمي أن يثور على هذا الوضع المهين لكرامة الإنسان ، وأن يهب لوقف هؤلاء المستبدين عند حدهم ، ليعلموا أن في العالم ضمائر تتحرك لنصرة الحق ، ونفوسا تثور للأخذ بيد العزل المكافحين لنيل حرياتهم ..».
«وليعلم الإنجليز أن هذه الفظائع التي يصبونها على رؤوس أبنائنا لن تلين للشعب قناة ، ولن ترده عن المطالبة بجلائهم الناجز عن وطننا العزيز ، وأن وادي النيل كله لن يسكت بعد اليوم على ضيم يراد به ، ولن يفرط في حق من حقوقه ، مهما ابتلى بالشدائد ومهما ضحى من أرواح غالية ...».
«وإني إذ أستمطر رحمة الله ورضوانه على شهدائنا الأبرار أتوجه إلى أبناء الوطن جميعا مناشدا إياهم أن يشدوا من عزائمهم ، وألا يجعلوا لهذه الأحداث أثرا في نفوسهم ، فلا يهنوا ولا يحزنوا ولا يضعفوا ، وهم الأعلون إن شاء الله. فلا بد للجهاد من تضحية وللحرية من ثمن يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ».
وإن النيل من الإنجليز وجبههم بالغليظ من القول في ذلك العهد لم يكن بالسهل الهين ، ولا يقاس به عهدنا الحاضر الذي نعمنا فيه بجلائهم وذهاب سلطانهم عنا. فقد كان الانكليز لا يزال لهم من السلطان على