صاحب القصر ورجاله الشيء الكثير ، وكان القدح فيهم لا يطور به من ذوي المناصب إلا من لا يتمسك بمنصبه ، ويؤثر الحق على زينة السلطان وجلاله الكاذب ، وأكبر الظن أن إقالته من المشيخة ترجع إلى هذا المنزع السياسي الذي ضاق به الإنكليز.
وإني أقص هنا سيرة الشيخ ونشأته حتى استوى سيدا جليلا.
ولد الشيخ في قرية الخوالد التابعة لمركز إيتاي البارود من أعمال مديرية البحيرة في العشرين من شهر ربيع الأول ١٢٩٧ ه (أول مارس ١٨٨٠ م) ونشأ فيها فحفظ القرآن الكريم حين بلغ الثانية عشرة من عمره ، وأرسله والده إلى الأزهر ، وكان يحكى أن والده إذ ودعه حين ذاك أوصاه أن يحافظ على الصلاة لأول وقتها ، وحافظ الشيخ على هذه الوصاة طوال حياته ، فإذا دخل الوقت كان أكبر همه أن يؤدي الصلاة ، وفي يوم وفاته قدر له أن صلى العصر ، ولم يلبث أن وافاه الحمام.
وجاور الشيخ في الأزهر فأخذ عن الشيوخ المنتفعين الذين كان الأزهر ملآن بهم. وكان الشيخ ذكيا ثقفا لقفا عرف بالذكاء والزكانة طول دهره ، فحصل تحصيلا عجبا ، وفطن لدقائق العلوم ، واستحكمت عنده الملكة الأزهرية.
وقد تلقى الفقه الحنفي عن الشيخ أحمد أبي خطوة واختص به ، وكان يثني عليه كثيرا ، وأخذ عن الشيخ محمد بخيت وأخذ النحو على الشيخ على الصالحي المالكي. ولزم الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده في دروسه فأخذ عنه أسرار البلاغة ودلائل الإعجاز والبصائر النصيرية في المنطق. وقد يرجع إلى تلمذته للشيخ محمد عبده الفضل في تحرر فكره واتساع أفقه وحسن التصرف فيما يعلم.
وكان إلى جانب اشتغاله بعلوم الدين واللغة يشتغل بالعلوم الرياضية ، وكان رياض باشا رحمه الله قد أعد مكافآت مالية لمن يفوز في امتحانات الرياضة ففاز الشيخ في هذه الامتحانات غير مرة.