يختلف فيه المختلفون ولكن كما يختلف العقل الواحد بينه وبين نفسه في وجهات نظره بين حين وحين ، وبين اعتبار واعتبار.
وبهذه النظرة «القرآنية» عمل الشيخ الأكبر في تنظيمه الدروس بمعاهد التعليم ، كما عمل على هذه الهداية في علاقته بالأمم الإسلامية وعلاقته ببلاد العرب أجمعين. والجديد في خطته على هذه الجادة القديمة أنه فهم أن اللغة العربية ، أو اللغة القرآنية ، شيء يتعلمه العربي المسلم كما يتعلمه المسلم غير العربي ، فلم يكن على المسلمين غضاضة في هذه المساواة الشاملة ، ولم يكن للعربي إيثار على غيره ؛ لأن عروبته في هذا المنهج هي عروبة القرآن الذي يتساوى فيه المسلم والمسلم من كل جنس ، وبكل لسان.
تولى مشيخة الأزهر بعد استقالة الشيخ عبد الرحمن تاج عام ١٩٥٨ ، وقد رحب بتوليه المشيخة العالم الإسلامي كافة ، وظل في المشيخة سنوات عديدة ، وفي عهده صدر قانون تطوير الأزهر الشريف
وقام برحلات كثيرة إلى بلاد العالم الإسلامي.
كان شيخ الأزهر محمود شلتوت على موعد لا يستطيع أن يتخلف عنه .. وتحدد هذا الموعد بالذات في (ليلة الإسراء) و (ليلة الجمعة) وفي مستشفى العجوزة .. وفي نهاية اللحظة الأخيرة لسبعين عاما ، وسبعة اشهر ، وعشرين يوما وخمس دقائق .. فقد صادف ميلاده الساعة التاسعة والدقيقة العشرين من مساء ٢٢ ابريل ١٨٩٣ في منية بني منصور بمحافظة البحيرة .. كانت الدقائق الخمس هي مدة النوبة القلبية المفاجئة التي أسلم في نهايتها روحه إلى بارئها في ١٣ / ١٢ / ١٩٦٣.
لم يكن الشيخ مرحا في يوم من الأيام أكثر منه في اليوم الأخير في حياته .. فقد أفاق من العملية التي أجريت له في الصباح بعد ٣ ساعات من إجرائها ودعا أسرته .. وظل ينادي كلا منهم باسمه ويداعبه .. كما استدعى أحفاده الصغار وظل يداعبهم ويبتسم لهم ابتسامة عريضة لم تفارق شفتيه طول اليوم حتى فاجأته النوبة.