والعصر ، مولاي المعز لدين الله أمير المؤمنين عليه السلام وعلى سلفه وخلفه ، وأثبت منه ما أثبته وصح عنده وعرفه وأثره عن الأئمة الطاهرين وأجاز لي سماعه منه ، وبأن أرويه لمن يأخذه عني وعنه عليه السلام ، فبسطت في هذا الكتاب ما أثبته وأجازه وعرفه ، وأسقطت ما أنكره من ذلك ، وذلك مما نسبه إلى أهل الحق المبطلون وحرف من قولهم المحرفون».
ثم قرىء بالأزهر كتاب ألفه الوزير ابن كلس في الفقه الشيعي على مذهب الإسماعيلية مما سمعه في ذلك من المعز لدين الله والعزيز بالله ، وهو المعروف بالرسالة الوزيرية ؛ وكان يجلس لقراءته وتدريسه بنفسه حسبما قدمنا. وأفتى الناس بما فيه (١).
فالكتب الأولى التي قررت للتدريس بالأزهر هي كتب اشتقت من المصادر المذهبية الرسمية أعني من أولياء الخلافة الفاطمية ذاتها ، وكان لها صبغة رسمية واضحة. وكان التدريس بالأزهر يجري يومئذ على مذهب الشيعة بصفة رسمية. وشدد في ذلك بادىء ذي بدء حتى إنه في سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة في عهد العزيز بالله ، قبض على رجل وجد عنده كتاب «الموطأ» للإمام مالك. وجلد من أجل إحرازه (٢).
وفي سنة ست عشرة وأربعمائة ، أمر الخليفة الظاهر لإعزاز دين الله ولد الحاكم بأمر الله بأن يدرس الدعاة للناس كتاب «دعائم الإسلام» وكتاب «مختصر الوزير» ورتب لمن يحفظهما مالا (٣) والدعاة هم أساتذة دار الحكمة وقد كانوا يجلسون للتدريس بالجامع الأزهر في أحيان كثيرة (٤) وقد عرفنا موضوع كتاب «دعائم الإسلام» وعرفنا مؤلفه. أما «مختصر
__________________
(١) راجع الاشارة الى من نال الوزارة لابن الصيرفي في ص ٢٣ ، وابن خلكان ج ٢ ص ٤٤١ ، والخطط ج ٤ ص ١٥٧
(٢) الخطط ج ٤ ١٥٧.
(٣) الخطط ج ٢ ص ١٦٩
(٤) الخطط ج ٣ ص ٢٢٦ ، تاريخ ابن ميسر ص ٦٤.