والخامسة بباب الشربة ، وهما من إنشاء الأمير عبد الرحمن كتخدا.
ولقد كان الأزهر الشريف في أول نشأته موضع عناية الخلفاء الفاطميين في مصر ، ومن بعدهم الملوك والأمراء والوزراء ، وذوي الجاه منها ، يتنافسون في خدمة هذا الجامع ، ويتعهدون أهله ، ويشرفون على حلقات الدروس فيه ، وينشئون الأروقة لسكنى الطلبة ، ويشيدون دور الكتب في علوم الدين والحكمة والفلسفة ، مما كان له الأثر في حفز همم الشيوخ والطلبة إلى التفرغ للتعلم والتعليم. وقد استمر الأزهر يتسع نطاقه حتى بلغت مساحته الآن سوى ملحقاته ١١٣٨٠ مترا مربعا.
ويقول الأستاذ محمد عبد الله دراز من كلمة نشرها في مجلة الأزهر عام ١٩٥٢ : البيت المعمور الذي أرسيت قواعده في عهد الخليفة الفاطمي المعز لدين الله على يدي قائده جوهر الصقلي في سنة ٣٥٩ ه ـ ٩٧٠ م ـ كان يتألف في أول إنشائه من قسمين : «فناء» فسيح يحيط به نطاق من الأعمدة المعقودة ، و «مقصورة» أو «مصلى» لا تقل عنه اتساعا ، يشقها «مجاز» ممتد من بابها إلى المحراب. ولا تزال معالم القسمين قائمة إلى يومنا هذا لم ينلها تغيير جوهري.
نعم إن بعض أجزاء المقصورة قد تناولها شيء من الترميم استجابة لضرورة حفظها وصيانتها. ولكن سائر أجزائها لا تزال كما وضعت أول يوم ، ولا سيما «المحراب» الذي تراه الآن بنقوشه ورسومه العتيدة ، و «المجاز» الذي نشاهد أعمدته بنقوشها ورسومها الأولى. وكذلك نرى الأعمدة المضروبة حول الفناء قائمة على حالها لم تتسنّه ، وإنما أضيف إليها في مبدأ القرن السادس الهجري (الثاني عشر الميلادي) نطاق آخر من الأعمدة من أمامها.
ولقد بقي الأزهر قرونا عدة مكتفيا بحدوده الأولى هذه ، حتى كانت بداية القرن الثامن الهجري ، فهناك أخذت تضاف اليه في عصور مختلفة زيادات كثيرة أصبحت في مجموعها أشبه بصوان يحيط به من كل جانب ،