حتى صار «فناؤه» الخارجي «صحنا» داخليا ، وحتى بلغت مساحة المسجد الآن ١١٣٨٠ مترا مربعا ، لا يدخل فيها حساب الملحقات.
أولى هذه الإضافات تستقبلنا بمجرد ما نضع أقدامنا في المسجد عند دخولنا من الباب الكبير الشمالي الغربي المطل على الميدان. ذلك أننا نجد أنفسنا في دهليز متوسط الاتساع ، فاصل بين جناحين من الأبنية عن يمين وشمال ، ونجد أمامنا بابا كبيرا آخر داخليا يفتح على صحن المسجد ، فهذا الباب الداخلي الذي يفتح على الصحن هو أول حدود المسجد التاريخي. أما كل هذه الأبنية عن اليمين والشمال فيما بين البابين ، وكذلك الأرض التي أقيمت عليها هذه الأبنية ، فإنها من الزيادات التي ضمت إلى الجامع في القرن الثامن الهجري وما بعده.
فالجناح الأيمن (ما عدا منارتيه) أنشأه الامير طيبرس في سنة ٧٠٩ ه (١٣٠٩ م) والجناح الأيسر بمنارته أقامه الأمير أقبغا في سنة ٧٤٠ ه (١٣٤٠ م). والباب الداخلي والمنارة الرشيقة التي فوقه إلى يمين الداخل من عمل السلطان قايتباي في سنة ٨٧٣ ه (١٤٦٨ م) والمنارة العظيمة ذات البرجين التوأمين وهي التي تلي هذه على اليمين أيضا من صنع السلطان الغوري في سنة ٩١٥ ه (١٥١٠ م).
ولقد كان الجناحان في نظر مؤسسيهما مدرستين ، ولكن التثقيف العقلي في رأيهما ـ وكذلك هو دائما في نظر كل سياسة رشيدة ـ لم يكن لينفصل عن التهذيب الروحي ولذلك أقام كل منهما في مدرسته محرابا (١) أنيقا دقيقا من الرخام والذهب لا يزال يتحدى الزمان بنضارته وجدته ، كأنما صنع أمس.
والجناحان (٢) اليوم مشغول معظمهما بالمكتبة الأزهرية التي تعد من
__________________
(١) بل إن مدرسة أقبغا تحتوي محرابين اثنين
(٢) الجناح الأيسر حول إلى مكتبة منذ سنة ١١١٤ ه (١٨٩٦ م). والجناح الايمن شغل جانب منه ببعض خزائن الكتب في عهد قريب.