تشتهر جدة بأنها مدينة مقدسة شأنها شأن مكة المكرمة والمدينة المنورة (١) ، وكل الذكور المولودين في أحضان جدة ، يحملون على وجوههم وشما يسمى" المشالي" (٢) ؛ وهي عبارة عن جروح عميقة تحدث في وجوه الأطفال عندما يبلغون أربعين يوما ، وهي ثلاثة على كل وجنة ، واثنان على كل صدغ ، لتظل هذه المشالي مدى الحياة موجودة على وجوههم ، ولتكون لهم علامة توقير / ١٢٦ / لدى المؤمنين. إن هذه الندب المقدسة في العادات الإسلامية تجعل أولئك الذين يحملونها يحوزون بحملها قمة الشرف (٣).
__________________
(١) هذا غير صحيح فجدة ليست مدينة مقدسة.
(٢) رسمها ديدييه M eschal ، ورسمها بوركهارت ، Meshale ، وكتبها مترجما رحلة بوركهارت" المشعلة" ، وكتبها د. نصر" عادة المشالي". انظر رحلات بوركهارت ... ، موثق سابقا ، ص ١٧٠ وكتاب الدكتور أحمد عبد الرحيم نصر ، موثق سابقا ، ص ٦٧.
(٣) انظر هذه الفقرة مترجمة في كتاب التراث الشعبي في أدب الرحلات ، موثق سابقا ، ص ٦٧ وقد ترجم من رحلات ديدييه فقرات لها علاقة بالتراث الشعبي في الحجاز ، ولكنه ترجم عن النص الإنجليزي الذي هو ترجمة لرحلة ديدييه ، وسنشير إلى الفقرات المترجمة في أماكنها من الرحلة ، قارن ترجمته بالأصل هنا. وانظر : النص الإنجليزي لرحلات بوركهارت ، ط. مصورة عن طبعة لندن ١٨٩٢ م ، السلسلة التي يصدرها فؤاد سزكين ، ١٩٩٥ م ، ص ١٨٣. وجاء في رحلة بيرتون ما نصه نقلا عن كتاب : التراث الشعبي في أدب الرحلات ، موثق سابقا ، ص ٤٨" تأخذ معظم الأسر في مكة الأطفال الذكور عندما يبلغون الأربعين يوما إلى الكعبة للدعاء لهم. ثم يحملونهم إلى البيت حيث يقوم المزين بعمل ثلاثة فصود رأسيه على الجزء الملحم لكل خد بدءا من الزاوية الخارجية للعينين إلى ركني الفم تقريبا. هذه" المشالي" ، كما تسمى ، قد لا تكون عادة قديمة. فالمكيون يقولون إنها لم تكن معروفة لدى أسلافهم. وعندي أنها ترجع إلى زمن قديم جدا وأنها وثنية الأصل ، وهي ما تزال سائدة رغم نهي علماء الدين عنها. وتسمى هذه العملية" التشريط" ويفصد أيضا جسم الطفل كله بجروح صغيرة حتى يغطي الدم الجسم كله. وقد أخبر بعض المكيين علي بيك أن الغرض من التشريط طبي. وقال آخرون إنها دلالة على أن من يحملها خادم لبيت الله. وأرجعها علي بيك إلى الرغبة في التجميل تماما كرغبة المرأة التي تشم نفسها. وقد أخبرني المكييون أن هذه العادة نشأت عن ضرورة حماية الأطفال من وقوعهم أسرى في يد الفرس ـ