أتى زمن لم يكن فيه وجود غير المسلمين في جدة مسموحا ، كما هو الحال عليه اليوم في المدينتين المقدستين ، لم يكونوا يجرؤون على الظهور بملابسهم الأوروبية ، وإن ماتوا فيها فإن رفاتهم كان يحمل إلى جزيرة صغيرة في مرسى جدة لكي لا يدنس الأراضي المقدسة (١).
__________________
ـ فهي دلالة على أن الأطفال من المدينة المقدسة. غير أن انتشارها الواسع يدل على قدم أصلها ... وقد نهى محمد صلىاللهعليهوسلم أتباعه صراحة عن وسم الجسم بالفصد. وعلامات التجميل هذه شائعة وسط شعوب مناطق غرب البحر الأحمر. ويزين النوبة في مصر العليا وجوههم بفصود مثل المكيين تماما. وقد رأيت خدودا مفصدة كما في المدينة المقدسة وسط القالا بالحبشة." وعلق د. أحمد نصر في ص ٥٩ من الكتاب المذكور أعلاه قائلا : " أدرك الأديب السعودي أحمد إبراهيم الغزاوي في مكة المكرمة عادة تشريط الخدود (المشالي) وشاهدها وقال إنها كانت مما يعد للرجل والمرأة زينة وجمالا وإنها كانت عامة بين البيض والسود على السواء وقد أرجعها إلى ما قبل القرنين السادس والسابع الهجري. واستدل على ذلك ببيتين من الشعر لبهاء الدين محمد بن إبراهيم النحاس النحوي المولود في ٦١٧ ه والمتوفى في ٨٩٨ ه يمدح مليحا شرطوه قائلا :
قلت لما شرطوه وجرى |
|
دمه القاني على الخد النقي |
ليس بدعا ما أتوا في فعلهم |
|
هو بدر مشرق بالشفق |
انظر : أحمد بن إبراهيم الغزاوي ، شذرات الذهب ، جدة ، دار المنهل ، ١٩٨٧ م ، ص ٢٣٧ ـ ٢٣٨ ؛ وانظر : صفحات من تاريخ مكة المكرمة ، سنوك هورخرونيه ، موثق سابقا ، ج ٢ ، ص ٤١٩.
(١) انظر : رحلات بوركهارت ... ، موثق سابقا ، ص ١٩١ ـ ١٩٢. ونقل المترجمان في الحاشية (٢) ص (١٩١) ما جاء في كتاب محمد علي المغربي : ملامح الحياة الاجتماعية في الحجاز ، ص ١٧١" وكانت في مدينة جدة مقبرة للنصارى وما تزال موجودة حتى الآن ... ويبدو أن هذه المقبرة أقيمت في العهد العثماني لدفن الأجانب الذين يموتون في جدة ... وهي قائمة حتى الآن كما ذكرنا في جنوب جدة قرب السوق الجنوبية ، ولكنها غير مستعملة إطلاقا". ويقول المترجمان : ولا نعرف إذا كانت المقبرة التي ذكرها المؤلف هي نفس المقبرة التي يصفها المغربي. وقد تحدث بوركهارت في غير موضع من رحلاته عن أوضاع المسيحيين في جدة انظر : ص ٢٦ ، ١٩٠ ، ١٩١ ، ١٩٢.