كان ، وهو الصادق الوفي بوعده ، يمقت الكذب ، ويأمر في بعض الأحيان بجلد الكاذبين ؛ ولكنه كان يرغب / ١٨٦ / في أن يبادر الحاضرون إلى تهدئة روعه عندما يأخذه الغضب ، وكان يشكر ذلك لمن يقوم به. كان فصيحا ومتمكنا من التراث الإسلامي ، شأنه شأن صفوة العلماء ، ويحب الخوض في نقاشات دينية ، ويدافع عن رأيه بحماسة ، ويسمح لخصومه بالقيام بالشيء نفسه ، وكان عندما ينتهي النقاش يختمه بجملة جوهرية" الله أعلم" ويعلم الحاضرون عادة أن هذه الجملة إيذان بإنهاء الحوار [...].
ولم يتردد سعود عن الاعتراف في نهاية حكمه أن سوء الحظ الذي أصاب الوهابيين كان بسبب أخطائه (١). كان سعود مصدر السلطات كلها ؛ إذ جمعها في يده ، ولم يكن في زمن السلم يستشير إلا صفوة العلماء الذين ينتمون حصرا إلى أسرة مؤسس المذهب الشيخ محمد بن عبد الوهاب. كان سعود يعيّن المشايخ الكبار ، وكان لهم على الآخرين سلطة لم يكونوا أبدا يسرفون في استخدامها ؛ لأن سعودا كان حاذقا جدا ، ويعرف حق المعرفة طبيعة العرب فكان يداريهم ، ولا يحاول حكمهم بطريقة استبدادية ، لأن أي استبداد يثيرهم ، وقد كان تجنيبهم ذلك الثمن الذي يدفعه سعود لضمان سلطته عليهم. كان يرسل إلى القبائل الخاضعة لسلطته قاضيا يدفع هو أجره ،
__________________
(١) نقل بوركهارت في مواد ... ، موثق سابقا ، ص ٦٤ ، عن سعود أنه كان يقول : " لو لا أعمالي وأعمال أصدقائي السيئة لوجد ديننا طريقه إلى القاهرة واستنابول منذ زمن طويل".