جدة إلى ينبع ، بل أبعد من ذلك ، لأن السفن تسير بحذاء الشاطئ أطول وقت ممكن ، قبل أن تمخر عباب البحر لتدرك الجانب المصري. إن الرحلة التي لم تستغرق في القدوم / ٣٠٦ / إلّا عددا قليلا من الأيام ، بفضل الرياح الموسمية الشمالية التي تكاد تهب على الدوام على البحر الأحمر ، تحتاج في العودة خمسة أو ستة أضعاف ذلك الوقت ، وغالبا أكثر من ذلك ، وتراجعت أمام عبور يحتمل أن يستغرق ثلاثين أو أربعين يوما. قررت إذا عبور البحر الأحمر بخط مستقيم من جدة إلى سواكن. وكنت أنوي أن أذهب من هناك لركوب النيل ، سواء من النوبة أم في منطقة أبعد من ذلك في الخرطوم ، ومن هناك أهبط إلى القاهرة عبر النيل. وقد زودني أمين بيك الذي سلك تلك الطريق بمعلومات مفصلة عن البلد ، ولمّا كان علينا التخييم كل مساء في تلك الصحراء فقد اشتريت خيمة بدل الخيمة التي احترقت في السويس. ولمّا اعتمد رفيق رحلتي الطريق المذكورة نفسها قام السيد دوكيه في اليوم نفسه باستئجار سنبوك من سواكن كان جاهزا للعودة إليها ، وبمبلغ تافه بلغ خمسين قرشا.
كان ينبغي أن نغادر في يوم ٩ مارس (آذار) ، ولكن مغادرتنا تأجلت حتى يوم ١٢ من الشهر نفسه بسبب ظرف سأتحدث عنه.
كان قنصل فرنسا في جدة حينئذ ، كما ذكرت ذلك سابقا ، هو روشيه المدعو ديريكور ؛ وهي تسمية وهمية أضافها إلى اسمه ليجعله في الظاهر أكثر أرستقراطية. بدأ حياته عاملا في دباغة الجلود ، وقد كان كل شيء فيه ، لغته ، وطبائعه تدل على بداياته. ثم ذهب بعد ذلك للبحث عن الثروة في الحبشة ، ومضى / ٣٠٧ / في