رحلته حتى وصل إلى مملكة خوا (١) Choa ، ثم عاد إليها مرة أخرى مع هدايا الملك لويس ـ فيليب إلى مليك الحبشة. وقد ظهرت قصة هاتين الرحلتين موقعة باسمه (٢) ، ولا يمكن أن يكون هو المؤلف : لأنه عاجز عن أن يكتب مجرد رسالة ، لقد استعان لكتابتها بقلم أحد الكتاب ، أعرفه ، وأستطيع ذكر اسمه. وانطلق من ذلك ليعيّن قنصلا من الدرجة الثانية وفارسا ، ثم حصل بعد ذلك على وسام جوقة الشرف برتبة ضابط ، ولكن ذلك لم يغير شيئا من كونه دباغ جلود.
لم يكن له أي حظ من الثقافة ، ولا من التعليم ، لم يكن مهيّأ ليعطي العرب عن فرنسا فكرة إيجابية ، ولم يترك في جدة إلّا ذكريات محزنة. كان بلا أسرة ، ولم يكن اجتماعيا ، ويعيش منعزلا تماما في منزل ضخم في حي اليمن ، وكان قد أذاق السيد دوكيه المترجم وموثق العقود في القنصلية الأمرّين ، مما دعا هذا الرجل الرائع إلى مغادرة المنزل القنصلي ، والإقامة في منزل خاص ليستطيع العيش بسلام وحرية ، ناهيك عن أنه ناصب القنصل البريطاني السيد كول العداء علانية ، وبدون أي سبب ، وهو زميله ، والأوروبي الوحيد المقيم في جدة على الدوام : مما دفع أهل جدة بالطبع إلى الاستنتاج أن حلول الوئام بين الأوروبيين النصارى أمر مستبعد ، لأن الأوروبيين الوحيدين المقيمين في جدة يكنان العداوة لبعضهما.
__________________
(١) في القسم الجنوبي من بلاد الحبشة ، انظر : اكتشاف ... ، موثق سابقا ، ص ٣٣٨.
(٢) تقول جاكلين بيرين في : اكتشاف ... ، موثق سابقا ، ص ٣٣٨ : "... ومع هذا ، لا تخلو قصة رحلته ، ومروره بالقصير ، وجدة ، والحديدة ، والمخا ، من المعلومات الشائقة ؛ إذ كان قد طرأ تبدل عظيم في شؤون البحر الأحمر ما بين سنتي ١٨٣٩ و ١٨٤٢ م ، وذلك بتأثير الظروف السياسية الدولية".