يعقوب ايضا ، واهل المدينة يحترمون هذا الموضع ويجلونه ، وتقوم فوق النبع قناديل كثيرة ، وقد فرشوا السجاد حول الينبوع ... ويقوم بخدمة المكان شيخان ، يدّعيان انهما من سلالة ابراهيم ، وهما غنيان جدا ولهما ضيع واطيان واسعة وهما فخوران جدا بشرف محتدهما ، بحيث عندما قدّم السلطان مراد الى المدينة في طريقة الى بغداد لينقذها «من الفرس» ، لم يذهبا لزيارته ، بل اصرا ان يأتي هو بنفسه إلى عندهما ، ففعل دون ادنى امتعاض.
ان الينبوع المذكور يخرج من تحت اسس المسجد ليصب في حوض كبير فيه سمك ، وماؤه صاف جدا ، يقوم عن يمين الحوض مسجد فخم له اروقة تطل على الفسقية ، والى اليسار حديقة غناء وفي الحوض اسماك جميلة ، امر السلطان المذكور ان يقدم لها كل يوم مئة رغيف من الخبز طعاما لها. كما ان المؤمنين الذين يؤمون المكان طلبا للسقاء ينثرون الخبز للاسماك ، ولا يسمح بصيد تلك الاسماك بتاتا ، وان تجاسر واحد فصاد سمكة فيقاصص بقطع يده (١).
وعلى مسافة قريبة من الحوض ، توجد بركة اخرى يطلق عليها اسم بركة عبدة ابراهيم ، ويقولون ان هذه العبدة سقطت من القلعة العالية في الحوض. ويقوم على جانبي البركة عامودان جميلان للغاية ينسبونهما الى نمرود Nembrot ويروون عن هاتين البركتين الف حكاية ...
__________________
(١) ذكر هذين الحوضين تافرنيه (رحلته المعربة ص ٤٦) وغيره من الرحالين «... نهر ابراهيم الذي يؤلف هناك بحيرة صغيرة تسمى بركة ابراهيم مياهها عذبة يوجد فيها سمك كثير يزعمون انه يخص ابراهيم فلا يصطادونه غير ان المسيحيين لا يعبأون بذلك فيصطادونه كلما سنحت لهم الفرصة ..» الغزي : المرجع المذكور ج ص ٥٤٢.