دمشق فأتعبه كثيرا ، وقد ادعى انه ذاهب الى ايران لامور خاصة به ، وقد نصحه بالعدول عن السفر ، ثم عاد اليه عشية سفره ، واذ لم يلتق به في البيت ، فقد كتب على جدار بيته «لا تكمل الطريق فسينفضح امرك» ، ثم قال لي أمورا عديدة لا اتمكن من نشرها ، وروى لنا عن جيش حسن باشا العظيم ، وعن اعتقال سفير فرنسا في اسطنبول وعن احداث اخرى ، انتشرت فيما بعد في العالم كله ، وبعد ان ابدينا شكرنا الجزيل لحسن ملاقاته وكرم ضيافته ودعناه بسلام ، وقد اوصى بنا كثيرا الى المرشدين ، فعاودنا السفر وهو بدوره اكمل طريقه.
وصلنا في منتصف النهار الى بعض الخيام ، فاذا بامارات الضعف والجبن تظهر على دليلنا الجديد ، ذاك الفارس المغوار ، واسمه رجب Recepe اذ قرر تركنا! ولما ابتعدنا عن تلك الخيام ، رأينا خمسة اشخاص يركضون نحونا ، وقد اطلقوا لخيولهم العنان ، فتولانا الخوف ، وشككنا في امرهم ، لكننا فهمنا من احدهم انهم عبيد وقد وجدوا فرصة مؤاتية لاسترجاع حريتهم فهربوا!
ظهرت عن اليمن (؟) Sciaras وعن اليسار (؟) Masciati ثم (؟) Zaban وهي قرى صغيرة تقوم في وسط البطحاء. اما نحن فقد اهملنا طريق Masuati بالرغم من انه الدرب المسلوك عادة ، لكن الامان فيه قليل ، وسرنا في طريق تقودنا الى النهر ، وقد لمحنا عن بعد ظلال (رجال؟) وللحال اطلق رجب الشجاع حصانه للريح دون ان ينبس ببنت شفة ، فلم نسر في اثره ... وعملنا بموجب خطة اقترحها علينا الحاج بركات ، اذ اكملنا السير بعد ان استعددنا للقتال ، وقررنا عدم الافتراق الواحد عن الاخر ، وفي حالة الهجوم ، علينا ان ننزل حالا الى الارض ، ونستغل الخيل كموانع للدفاع ، فنمسك اعنتها باليد اليسرى ، ونحارب باليمنى. وبينما كنا نضع هذه الخطة ، كنا نستحث الخيل ونبتعد شيئا فشيئا دون ان نظهر ضعفا ، فتلاشت الظلال عن نظرنا ، وابتعد الاعراب عنا ، وبعد سويعات رأينا ذاك الجندي المقدام (رجب) مختبئا بين الادغال فظهر للعيان ضعفه وبانت خيانته ، لكنه بدأ يدافع عن نفسه ملفقا