قرأت بخط أبي الحسن رشأ بن نظيف ، وأنبأنيه أبو القاسم العلوي ، وأبو الوحش عنه ، حدّثنا أبو أحمد الفرضي ، حدّثنا الصولي ، حدّثني المغيرة بن محمّد ، حدّثني عبد الصّمد بن المعدل بن غيلان ، حدّثني أبي المعدل عن أبيه غيلان بن البختري ، عن أبيه قال : كنت واقفا بكناسة الكوفة وذو الرمة ينشد قصيدته الحائية :
إذا غير النأي المحبّين لم يكد |
|
رسيس الهوى من حبّ ميّة يبرح |
فقال له ابن شبرمة القاضي : أراه قد برح يا غيلان فغيّره وقال :
إذا غيّر النأي المحبّين لم أجد |
|
رسيس الهوى من حبّ ميّة يبرح |
قال : وبادرت إلى أبي فقال لي : يا بني أخطأ ابن شبرمة في تغييره عليه ، وأخطأ ذو الرمة في قبوله منه ، والمعتز لم يبرح ولم يكد ، وهو مثل قول الله عزوجل (إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها) المعنى لم يرها ولم يكدّ.
قال : وحدّثنا الصولي ، حدّثنا ثعلب ، حدّثنا الرياشي قال : سمعت الأصمعي يقول أحسن ما قيل في الثغر قول ذي الرمة (١) :
وتجلو بفرع (٢) من أراك كأنّه |
|
من العنبر الهندي والمسك يصبح |
ذرا أقحوان واجه (٣) الطلّ وارتقى |
|
إليه النّدى من رامة (٤) المتروح |
هجا [ن] الثنايا مغربا (٥) لو تبسّمت |
|
لأخرس عنه كاد بالقول يفصح |
أخبرنا أبو السعود أحمد بن علي بن المجلي ، أنبأنا الشيخ أبو منصور عبد المحسن بن محمّد بن علي ، حدّثنا القاضي أبو القاسم يحيى بن القاضي أبي عبد الله محمّد بن سلامة بن جعفر ، أنبأنا أبو يعقوب يوسف بن يعقوب بن خرّزاد النّجيرمي ، أنشدنا أبو القاسم جعفر ... (٦) أنشدنا أبو عمر محمّد بن عبد الواحد الزاهد ، أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب الشيباني لذي الرمة (٧) :
تجيش إليّ النفس في كلّ منزل |
|
لميّ ويرتاع الفؤاد المشوّق |
أراني إذا هوّمت يا ميّ زرتني |
|
فيا نعمتا لو أنّ رؤياي تصدق |
__________________
(١) ديوانه ص ٨٣.
(٢) الفرع : القضيب ، يعني السواك.
(٣) الديوان : راحه الليل وارتقى.
(٤) رسمها بالأصل : رأيه ، والمثبت عن الديوان.
(٥) مغربا أي شديد البياض.
(٦) بياض بالأصل.
(٧) الأبيات في ديوانه ص ٣٩٠.