سواء عليك اليوم إن (١) ضاعت النّوى |
|
بخرقاء (٢) أو أنحى لك السيف ذابح |
حتى انتهى إلى قوله (٣) :
أحبّك حبّا خالطته فصاحة |
|
وما كلّ ذي ودّ من الناس ناصح |
فقالت خرقاء ومتى تكون محبّا غيرنا صح؟ قال : إذا آثرت ما أهوى من قربك على ما تهوين من بعدك ، واتخذتك بردا ، عليّ منه جماله وستره وحضانته ونعمته ، وعليك منه ابتداء إلى أعطافه وسجّى أطرافه ، فهناك نظرت لنفسي عليك ، فأدّيت حقّ النصيحة إليها لا إليك قال : وأنشد :
وأهوى لك الحسنى وأنت مسيئة |
|
ونيلك ممنوع ومثواك نازح |
فقالت خرقاء : والله ما أدري أي تفسيريك (٤) أحسن ، السالف من نثرك ، أم الرادف من نظمك؟ فقال ذو الرمة :
لأحسن في هذا وهذاك نظرة |
|
لعينيك فيها منك آس وجارح |
وقالت له : من ذا يغالبك في محاورة؟ فقال :
يغالبني من مهجتي ، في إساره |
|
يشاكسها طورا وطورا يسامح |
ومن لم أزل أبغي السّلوّ ولم أزل |
|
يتيّمني منه مراض صحائح |
وأصدف عن سقيا ثناياه آيسا |
|
فيعطفني منه بروق لوامح |
مضاحك غرّ لو تبسمن في الدجى |
|
تجلى جبين من سنا الفجر واضح |
يقرّ بعيني قربها وكذابها |
|
ألا كلّ ما قرّت به العين صالح |
قال : ثم قطع المحاورة والاقتضاب ، ورجع إلى الإنشاد حتى استكمل قصيدته.
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أنبأنا رشأ بن نظيف ، أنبأنا الحسن بن إسماعيل ، أنبأنا أحمد بن مروان ، حدّثنا إبراهيم بن إسحاق ، حدّثنا أبو (٥) نصر قال (٦) :
مرّ رجل (٧) في بادية بني عذرة فإذا فتاة كأحسن ما يكون فنظر إليها فقالت له عجوز : ما
__________________
(١) الديوان : أنصاعت.
(٢) في الديوان : بصيداء.
(٣) البيت التالي ، والأبيات التي تليه ليست في الديوان.
(٤) الأصل : تفسيرك ، والمثبت عن المختصر.
(٥) كتبت «أبو» فوق الكلام بين السطرين بالأصل.
(٦) الخبر باختلاف الرواية في الأغاني ١٨ / ٤١.
(٧) في الأغاني : رجل من بني النجار.