فقال لي الفتح : ـ وكان والله ما علمت قوي الأدب حسن المعرفة بالشعر ـ ليس بك حاجة في مدح أمير المؤمنين إلى مثل هذا ، ليّن كلامك حتى يفهم عنك ، فإنه يلذّ ما يفهم ، فعلمت أنه قد نصحني فمدحته بأشعاري التي فيها (١) :
لي حبيب قد لجّ في هجري جدّا |
|
وأعاد الصّدود منه وأبدا |
ومنها قولي (٢) :
لم لا ترقّ لذل عبدك |
|
وخضوعه فتفي بوعدك |
ومنها قولي (٣) :
عن أي ثغر تبتسم |
|
وبأيّ طرف تحتكم (٤) |
فحظيت عنده وقربت من قلبه ، وتوفّرت علي صلاته.
قال : وأنبأنا المرزباني ، أخبرني محمّد بن يحيى ، حدّثني أحمد بن عبد الرّحمن ، حدّثني وهب بن وهب ، حدّثني البحتري (٥) قال : قال لي المتوكل : قل فيّ شعرا ، وفي الفتح ، فإني أحبّ أن يحيا معي ولا أفقده فيذهب عيشي ، ولا يفقدني فيذلّ ، فقل في هذا المعنى ، فقلت أبياتي (٦) :
سيّدي أنت كيف أخلفت وعدي |
|
وتثاقلت عن وفاء بعهدي |
فقلت فيها :
لا أرتني الأيام فقدك يا فتح |
|
ولا عرّفتك ما عشت فقدي |
أعظم الرزء أن تقدّم قبلي |
|
ومن الرزء أن تؤخر بعدي |
حسدا أن تكون إلفا لغيري |
|
إذا تفردت بالهوى فيك وحدي |
فقتلا معا وكنت حاضرا فربحت هذه الضربة ـ وأومأ إلى ضربة في ظهره ـ فقال : أحسنت والله يا بحتري ، وجئت بما في نفسي لما أنشدته من أمر الفتح ، وأمر لي بألف دينار.
__________________
(١) مطلع قصيدة في ديوان البحتري ط بيروت ١ / ٢٢ يمدح المتوكل على الله.
(٢) مطلع قصيدة في ديوان البحتري ط بيروت ص ١ / ١٤ يمدح المتوكل.
(٣) مطلع قصيدة ، ديوانه ١ / ١٥ يمدح المتوكل.
(٤) الأصل : تحتلم ، والمثبت عن الديوان.
(٥) الخبر والأبيات في معجم الأدباء ١٦ / ١٧٨ ـ ١٧٩ وفوات الوفيات ٣ / ١٧٨.
(٦) الأبيات في ديوانه ١ / ٢١٨ ـ ٢١٩.