بسم الله الرحمن الرحيم : قرأت في كتاب جدي عظة (١) ، كتاب من سعيد بن العباس أبي عثمان (٢) إلى إبراهيم بن عيسى : آنس الله يا أخي وحشتك ، وسكّن روعتك ، وستر الذي خفت كشفه منك ، وأقامك مقام أهل الصدق برحمته ، وسرّك بجميع مواهب الدنيا والآخرة ، وصلى الله على محمد عبده ونبيه ، وعلى أهل بيته الطاهرين الذين طهرهم الله تطهيرا ، ولا حول ولا قوة إلّا بالله ، وكفى بالله وليا ، وكفى بالله نصيرا ، فكتب إليه من إبراهيم بن عيسى الحقير في نفسه ، الذليل بين يدي ربه ، الفقير إلى رحمة مولاه إلى أبي عثمان سعيد بن العباس ، أكرمه الله بالتقوى ، وجنّبه الردى ، وغفر له في الآخرة والأولى. السلام عليك يا أخي ، تحية من عند الله مباركة طيبة ، فإنّي أحمد إليك الله الّذي لا إله إلّا هو ، خالق الخلق ، ووليّه ومنتهى الحمد ، وهو به (٣) لم يزل ولا يزال واحدا في ملكه ، ماجدا في عزه ، أحدا صمدا (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) سبقت مشيئته في خلقه ، خلق الخلق كما شاء ، ودبّر الأمور على ما أراد ، وجرت المقادير على ما أحب. قدّر الأرزاق ، ووقّت الآجال ، وعدّ الأنفاس والآثار بقضاء ، وقدّر في علمه السابق. لا يسأل ربّنا جلّ جلاله ، وتقدست أسماؤه ، ولا إله غيره (لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ)(٤) خص من عباده بفضله ورحمته قوما جعلهم ورثة الأنبياء ، وحملة العلم ، أزهدهم في الدنيا الفانية ، وأرغبهم في الآخرة الباقية ، مذكورين في الملأ الأعلى ، محبوبين في الناس ، معروفين في الآفاق ، يحبهم من لم يراهم ، ويذكرهم من لم يخالطهم. (ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ)(٥) ، جعلك الله يا أخي منهم ، وصلّى الله على خير خلقه محمد أكرم الأنبياء ، وأفضل المرسلين في الخلق ، أول الأنبياء في البعث ، آخر
__________________
(١) في ـ أ ـ ه عطية. والصحيح ما في الأصل.
(٢) هو سعيد بن العباس أبو عثمان الرازي له ترجمة في «الحلية» (١٠ / ٧٠ ـ ٧٣).
(٣) في ـ أ ـ ه «يديه».
(٤) سورة الأنبياء آية ٢٣.
(٥) سورة الحديد آية ٢١.