كانوا يعاملونهم معاملة حسنة ربما كانوا سيعمدون إلى سلبهم وتجريدهم من ملابسهم.
وقد اطلع الدكتور روص في أربيل على الكثير من أحوال الأكراد ، وهو يتكلم بشدة عن ميولهم الفظة وجنوحهم إلى التهيج. فهو يقول : «إن طبيعة الكردي مجبولة على الحرب. لأنه يدرب عليها من المهد ، ولا يرتاح مطلقا من دون الاشتباك مع الغير أو خوض المعارك. فقد وجدت صبيانا لا تزيد أعمارهم على اثنتي عشرة أو خمس عشرة سنة وهم يعانون أو جاعا من جروح بليغة كانوا قد أصيبوا بها في معارك متأخرة. وقد علمت بأن معاركهم معارك دامية للغاية ، وهم يبدأونها بإطلاق النار من البنادق لكنهم سرعان ما يعمدون فيها إلى الخناجر. وليس ذلك من قبيل الضجيج أو التهويش المعروف عند العرب ، وإنما هو قتال عنيف يؤدي في الغالب إلى قتل الكثيرين وجرحهم. وهم يزدرون بحكومة بغداد وجيشها ازدراء متناهيا ، ويقولون إن المدينة لو كان فيها أي نفع لهم لما استطاع الأتراك أن يقفوا في وجههم يوما واحدا دون احتلالها. وقد وجدوا الفرصة سانحة للاستيلاء على أربيل وآلتون كوبري في بعض المناسبات ، ولم يستغرق استيلاؤهم على أربيل سوى ساعة واحدة. وهم لا يعتمدون في الحصول على احتياجاتهم على أية بلاد أخرى إلا بلادهم. فإن كل ما يحتاجونه يتم إنتاجه في بلدهم ، ومع ان جبالهم تكون مواقع دفاع حصينة منيعة تجاه المحتلين الأجانب فإن وديانها وجهاتها الوعرة تنتج بقليل من الجهد كل ما يرغبون في زراعته بوفرة ، وتزودهم بذخيرة لا تنضب من الخشب والماء والمرعى».
وتعطى البلاد المحيطة بأربيل من الباشا بالالتزام للشيوخ منطقة منطقة بالطريقة التي يسير بموجبها النظام الإقطاعي المعروف. فإن عشائر طي العربية تخضع للباشا (١) وتبعث بقطعات غير يسيرة من رجالها لجيشه ، الذي كان حينذاك في عقرة. وقد كان الباشا على ما يبدو محبوبا عندهم ، أو مرهوب
__________________
(١) أي مير راوندوز.