تكليفى شيئا أو عقد أطراف المناديل أو دس رقع فى جيبى فما وجدت لشىء من هذه جدوى وأسلمت أمرها لله ولسوء حظها معى.
وقد اعترف شهود تلك الجلسة ـ كما اعترف الدكتور الجابرى ـ بأنى أنا محرز قصب السبق ولا جدال وكان هذا فوزا لى ولكنه فوز مقلوب أو كما يقول ابن الرومى (يرفعه الله إلى أسفل" على أن للنسيان مزايا فإنى أنسى المساءات والأحقاد والهجوم والمتاعب وأنام ملء جفونى وكفى بهذا ربحا.
أسلفت كل هذا لأقول : إن الأمير مصطفى الشهابى دعانا فى اللاذقية إلى العشاء فى داره ، أو فى حديقتها على الأصح ولما كدنا نفرغ من الطعام أقبلت فرق الكشافة بالمشاعل وازدحم فى الباب منها جماعة ثم تقدم غلام صغير فغنى وطرب ورجع بصوت لم اسمع أحلى منه وكان واقفا أمام شجرة وراءها من لا أرى هو يشيع فى يراع معه ، وتكرر هذا وكان صاحب اليراع يضرب معازف شتى أيضا ، وسمعنا غير ذلك أناشيد شتى ، أعجبت بالعزف وحذقه فاقترحت على الأستاذ" عزمى النشاشيبى"(٣٤) مدير محطة الإذاعة بالقدس ـ وكان قريبا منى ـ أن يدعوه إلى الإذاعة ، فقبل فقمت إلى حديث كان هؤلاء الفتيان واقفين وقلت لنفسى إنه يحسن أن أقيد أسماءهم لأذكرهم بما هم أهله بعد أوبتى إلى مصر ففعلت وأوصيت العازف أن يقابل الأستاذ" عزمى النشاشيبى" بذلك وقد كان موافقا معه عزمى على السفر إلى فلسطين للإذاعة وقد علمت أن هذا العازف أستاذ الموسيقى فى مدرسة خيرية هناك وكنت أود أن يتفق عزمى مع الغلام المغنى أيضا ولكنه قال : إن هذا عسير لأنه قاصر فتأسفت.