اللحاف وأثب من السرير أو عنه وأفتح مصراعى النافذة ولا أبالى أن أتعرض للبرد بعد الدفء وأطل لأسمع حتى يغيب الصوت ، وصارت هذه عادة حتى كنت أستيقظ وحدى قبل أن يقبل العمال ولا أكاد أفتح النافذة حتى يبدأ ذلك الصوت الحلو يهفو إلىّ من بعيد.
ـ قلعة حلب :
ولابد من كلمة عن" قلعة حلب" لا علاقة لها بالموسيقى بل لأنها كانت أشفى لنفسى من كل دواء وأجدى على من ألف طبيب ، ذلك أن أعصابى فى منتهى التلف فأنا لا أزال أتوهم أن قلبى ضعيف لا يتحمل أيسر جهد وقد أتعبت الأطباء وأعياهم أن يقنعونى أنى سليم القلب ، إن لم يكن قلب مصارع وإنه فوق الكفاية لجسمى الضئيل فلما كنت فى" حلب" دعونى إلى زيارة القلعة. فذهبت معهم ، وأردت الاكتفاء بالنظر إليها من الطريق فإنها شىء عظيم شامخ جدا. وقد بنيت فوق تل أو ربوة ، وحولها خندق واسع ، فألحوا أن أصعد فلم أشأ أن أقول لهم إنى أخشى أن أجهد هذا القلب المظلوم. وزعمت أن ركبتى ستخذلاننى ولا شك. فأبوا إلا مصاحبتهم ، وهونوا فخجلت ، ومضيت معهم وذهبنا نصعد ونصعد حتى خلت أننا قد بلغنا السماء وما ظنك بأكثر من مائتى درجة؟ زد على ذلك ظلمة هذه المنقبة وضيقها وعدم استواء الدرجات الملساء التى يسهل جدا أن تزل عنها القدم. ولك شىء آخر حتى الصعود فى هذه القلعة فتشهدت ، ورحت أتفرج مع القوم ثم انحدرنا ومضينا إلى أثر آخر ثم زرنا السوق المشهورة ، وخرجنا منها إلى دار