وكانت طائرتنا (الفسطاط) ضخمة ذات محركات أربعة ولم أر أظرف ولا أرق حاشية ، ولا أصبح وجها من الطيارين اللذين يقودانها وقد أسفت لأن الحياء منعنى أن أتحدث إليهما وأعرف اسميهما وكان حذقهما كفاء ظرفهما فكانت الطائرة تهبط فى كل مطار على الطريق فى موعدها لا تتقدم عنه ثانية ولا تتأخر ولم أشعر إلا بالراحة والطمأنينة فاضطجعت ونمت فلما نزلنا فى (اللد) أو على الأصح فى مهبط قريب من مطار اللد قلت فى سرى" آه ... ماذا سيصنع بى هذا الرجل المنتفخ الأوداج القاعد فى خيمته؟ لقد عودتنى" فلسطين" فى السنوات الأخيرة أن تردنى عنها وأن تتلقانى متهجمة ولا تأذن لى فى الدخول إلا وهى كارهة متوجسة كأنى كتلة من الديناميت لا إنسان من اللحم والدم.
* * *