قالوا : وكيف كان ذلك؟ فرويت له الخبر كما حدثنى به سامى نفسه قال إنه قدم دمشق مرة فاستوقفه هذا البنك الضخم وهو من الحجر الأبيض ولم يكن يعرفه فأنه البنك السورى فظنه سجنا وإن كان قد استغرب أن السجن فى قلب المدينة وأحدث أحيائها ولكنه حدث نفسه أن لعل المقصود العبرة وصوب عينه إلى البدروم ـ أو السرداب كما يسمونه فى العراق ـ وإلى نوافذه وعليها قضبان من الحديد فرأى فتيات كثيرات حسبهن السجينات فرق لهم قلب الكبير واغرورقت عيناه بالدمع وأقبل عليه ـ أو على النافذة يعرب لهن عن أسفه وعطفه وهو يشهق والدموع على خديه وكانت الفتيات ذكيات خبيثات فأبدين الحزن وتظاهرن بالبكاء فما كان منه إلا أن ارتد يعود إلى الفندق فحمل" كمانة" وعاد بها إلى النافذة واقعى على أطراف قدميه وراح يعزف لهم ليرفه عنهن فاجتمع عليه خلق كثير وهو ساه لا يرى إلا هؤلاء المسكينات ولا يعنيه إلا ما هو فيه أروع ما يكون عزف" سامى" حين تذهله عاطفة جياشة عمن حوله وتكاثر الناس حتى سدوا الطريق وعطلوا المرور واحتاج الأمر إلى تدخل الشرطة.
وقد ظل لا يعرف إلا أن هذا سجن للنساء حتى اجتمع بعض من رآهن وعزف لهن من الفتيات فى ناد من الأندية فأقبل عليها يسألها متى أفرجوا عنها فاستغرب الذين كانوا معها فضحكت الفتاة وقصت القصة واعتذرت إليه.
* * *