هناك ساحة أخرى في البصرة أمام دار الباشا تعرض فيها الأغنام وتباع فيها الحنطة والرز ومختلف الخضروات وهذه الساحة مفتوحة ليل نهار والبضائع معروضة بدون دكاكين ولا أقفال فلا خوف عليها من السرّاق فالعقاب الذي ينزله الأتراك باللصوص معروف جيدا!.
سكان البصرة عرب ، وفيها عدد قليل من الأتراك ، والعربية هي اللغة الأكثر انتشارا في المدينة لكن التركية والفارسية مألوفتان فيها أيضا ؛ أهلها مسلمون سنيون وشيعة فالناس أحرار في عبادتهم لكن الأذان في المساجد يجري على طريقة السنة ، وتقام الصلوات حسب طريقتهم لأن البصرة خاضعة للسلطان العثماني المالك في اسطنبول.
وفي البصرة عدد من النصارى الكلدانيين الذين يطلق عليهم اسم نصارى القديس يوحنا أو الصابئة (١) وليس لي فكرة بعدد بيوتهم وليس لهم من النصرانية سوى الاسم على ما أظن فليس لهم كنيسة (٢) بل يصلون في بيت كاهنهم الوحيد في البصرة أثناء وجودي ، ولا أعلم إن كانوا يذهبون هناك لاتمام المراسيم الدينية. ولا صيام عندهم ولا قطاعة بل يتناولون اللحم على مدى الأيام .. وعمادهم نفسه كعماد القديس يوحنا ... وهم يجلونه ويبالغون في إكرامه وفي ظني أنهم بقايا اليهود الذين نالوا العماد من يد يوحنا ولهذا تمسكوا بهذا الطقس .. يعرفون عند العرب باسم الصابئة يتكلمون فيما بينهم لغة كلدانية محرفة تسمى المندائية إلى جانب العربية ومنها اسمهم المعروف «مندائي» ، بينما يطلق عليهم الأوروبيون اسم «نصارى القديس يوحنا» ليس لهم أناجيل أقله هنا في البصرة ، ولا كتب أخرى مقدسة ، ما عدا كتاب خاص بهم يسمونه «السذرا» وهم يسيرون بأحكامه في أمور دينهم. لهم حروف خاصة
__________________
(١) اعتقد السائح مثل سائر الرحالين الأوروبيين أن الصابئة هم من الفرق النصرانية وقد وهموا في اعتقادهم.
(٢) للصابئة بيت عبادة يطلق عليه اسم «المندا» أو «المندى» أو «المشكنة» لكن بساطة بنائه لا توحي للغريب ، خاصة المتعود على الكنائس الفخمة أو المساجد الكبيرة بأنه بيت عبادة لجماعة من الناس.