المؤن ان يقطعها بفترة قصيرة ، وهذه الحملة ليست عسيرة على الجيش الفارسي. بينما لا تستطيع البصرة طلب النجدة نظرا لبعدها ، ولكون بغداد في قبضة الفرس. أما الجهة الوحيدة التي بإمكانها مساعدة البصرة فهي البادية في شخص أميرها «مدلج أبو الريش» (١) (وهذا لقبه ولقب اسلافه). هذا الأمير ومن معه من عشائر هو أمل البصرة الوحيد.
ثم تطرق الخواجا نجم إلى الحديث عن بغداد فقال : إن بكر صوباشي لم يسلم المدينة إلى الشاه أبدا ، بالرغم من كونه عاتيا ظالما ، لكن ابنه درويش محمد فعل ذلك دون علم أبيه وبغير رضاه (٢). ولما دخل الشاه المدينة أمر حالا بقتل بكر صوباشي علنيا ، بينما أبقى على الخائن الذي سلّم المدينة ، درويش محمد وإكرامه ، ولم يهتم هذا الغبي بمقتل أبيه.
وبعد الاستيلاء على بغداد أرسل قواده إلى كركوك والموصل فاستولى عليهما (٣) وزحف على البادية فاستولى على الحلة ومنطقة نفوذ «أبو الريش» وعنه وطبار القريبة من حلب ، وهدد هذه المدينة أيضا ، ونصب في عنه حامية ، ولكن بعد سفر الشاه وانسحاب قواته تحرك أبو الريش الذي بقي على ولائه للسلطان ، وزحفت قبائله ، فاستعادوا طيبة وعنة وقتلوا سبعين قزلباشيّا كانوا في الحاميات ولم يوقف الزحف إلا تحرك «ناصر بن مهنا» حاكم «مشهد الحسين» والمنطقة الممتدة بين الحلة والبصرة ، ولم يكن بمستوى أبو الريش من حيث الزعامة ، وكان أحد العاملين المهمين في سقوط بغداد بيد الفرس نظرا لولائه لهم ، فقد تصدى لتحركات «أبو الريش» وقاتله قتالا ضاريا ، فقتل من اتباعه وخرب أراضيه.
__________________
(١) انظر الملحق رقم (١).
(٢) كان المسؤول عن القلعة ، أخذه الشاه إلى فارس وعاش هناك ذليلا : ثم قتله لمحاولته الهروب ، سماه المحبي (١ : ٣٨٢) محمد علي. انظر لونكريك : أربعة قرون : ص ٧٧ ؛ العزاوي : تاريخ العراق بين احتلالين ٤ : ١٧٩ ـ ١٨٢ واكتفى العمري بتسميته محمد بك. انظر : زبدة الآثار : ص ٦٢ ـ ٦٣ ؛ هامر : ص ١٩.
(٣) التفاصيل عند هامر ٩ : ٢٣ وما بعدها.