البرتغاليون «بخفي حنين» إذ لم يجدوا أثرا للمدافع ، لأن خبر خروج السفينتين لهذه الغاية بلغ مسامع الفرس فلم يحركوا المدافع عن الميناء. لكن السفن المذكورة وضعت اليد على ثلاثة قوارب فارسية وأسرتها ، وكانت محملة بالبضائع ، وفيها رجل غني من ذوي الشأن أخذ كرهينة ، فقدم للحال فدية لخلاصه ألف ريال «أبو طاقة» (١) ، لكنهم رفضوا ، وقتلوا جميع الأسرى ... ما أفظع هذه الأعمال! لقد اعتاد البرتغاليون على أفعال كهذه ، وقد فعلوا في الهند أفظع منها ...
في السابع من نيسان عاد الباشا إلى البصرة مع جيشه بعد أن زال خطر الحرب بانسحاب الفرس ؛ ودخل المدينة وقت الفجر باحتفال مهيب وعلى أصوات دوي المدافع.
افتتاح كنيسة الكرمليين في البصرة
في الثالث عشر من نيسان كان الأب باسيل فرنسيس الكرملي قد أكمل تشييد الكنيسة والدير الخاص برهبانيته في البصرة ، فأقام احتفالا كبيرا بهذه المناسبة ، وزين الكنيسة والدير بأحسن ما عنده ، وهرع النصارى من أوروبيين وشرقيين على اختلاف طوائفهم للاشتراك بهذا الاحتفال الشائق بافتتاح كنيسة مريم العذراء «أم الشفاء» (٢).
وأعد في المساء أنوارا كثيرة أشعلها عند حلول الظلام وأوقد نارا ، وأطلق الجنود البرتغاليون عددا لا يحصى من العيارات النارية ، وطاب للباشا ان يقدر الأب المذكور فأرسل إلى الدير نحو خمسمائة من جنوده ، فأطلق هؤلاء بدورهم عيارات نارية ، بينما أخذت مدافع القلعة ترد عليها بدويها
__________________
(١) من أنواع النقود ، عرف باسم أبو طاقة ، بوطاقة ، بطاقة. وهو الريال. الكرملي : النقود العربية وعلم النميات ، ص ١٧٤ ـ ١٧٥.
(٢) لم يبق لهذه الكنيسة أثر ، فقد تداعت وهدمت وقامت في محلها كنائس أخرى على مر التاريخ ، ثم انتقل الآباء إلى منطقة العشار. انظر عنها :
A Cronicle of the Carmelites, op. cit., p. ٣١٢١.