لقد كنا في ذلك الموضع على مسافة نصف نهار سيرا إلى اليمين لنصل إلى «مشهد الحسين» أي موضع استشهاده في أرض كربلاء ، وهو مدفون هناك ، والموضع مأهول بالسكان ، وضريحه مزين وعليه بناء فخم على الطراز الإسلامي ، وهو مكان مقدس يزوره المسلمون.
عندما مررنا من هناك كانت كربلاء لا تزال تحت حكم القزلباش الفرس ، فقد أخذوها من الأتراك مع أراضي منطقة بغداد بأجمعها ، وهي ليست بعيدة عنها.
توقفنا هناك ، إذ علينا أن ندفع ضريبة للأمير ناصر بن مهنا شيخ تلك البادية ، وللدقة يجب عليّ أن أقول ان الضريبة تدفع للشيخ أبي طالب نجل الشيخ ناصر ، لأن هذا كان قد طعن في السن واعتكف على الحياة الدينية بعد ان حج إلى مكة فتنازل لابنه المذكور ، وكان كلاهما آنذاك في موضع يقع إلى الشمال الشرقي من محل نزولنا.
في ٣٠ حزيران ذهب القبوجيان اللذان كانا برفقتنا ، كل على حدة ، ليحملا رسائل وهدايا من السردار السابق الذي مات وقيل مات مسموما ، ولا أعلم أتناول السم بيده ليتخلص من عواقب وخيمة ، أم أن أحدهم دس السم له ، أم أنه اغتيل لتقاعسه في حرب بغداد. فهذا القبوجي الذي يمثله ذهب إلى أماكن عديدة ولم يتمكن من المجيء عند الشيخ قبل اليوم.
أتى رجال الشيخ لجمع الاتاوة في غياب القبوجيين ، وبعد أن دفعت ما يقع عليّ حسب طلبهم ، وكان المبلغ ١٢ قرشا على الحملين ، وقرشين أو ثلاثة على سبيل الهدية الشخصية لهم ؛ بالرغم من هذا كله فإنهم فتحوا جميع الصناديق ، ولسرعتهم في التفتيش كسروا بعضها وقلبوا محتوياتها وأخذوا بعض ما فيها لأنفسهم وللشيخ ؛ وأرادوا أخذ بعض الأشياء القيمة ، منها : عمامة فارسية ثمينة من الحرير مطرزة بالذهب ، قطعة من الحرير الناعم منقوشة على شكل مربعات تستعمل لصنع القمصان الفارسية ، بعض الأواني الخزفية الفاخرة الملونة والمطعمة بالذهب ، بندقية خادمي ، كمية من الكاغد الياباني وأخرى من الكاغد الهندي الصقيل وأشياء أخرى عديدة لا تحضرني