فطريقتهم البدائية تتطلب عددا من الحيوانات وجهدا كبيرا (١).
هواء المدينة نقي لكنه حار ، فتصور يا سيدي اننا الآن في شهر كانون الأول ولا يزال عدد كبير من الأهالي ينام في غرف الديوان المفتوحة.
في هذا الموسم نجد هنا البطيخ الفاخر لكنه ليس من إنتاج بغداد بل يجلب من الموصل القريبة من نينوى يحمل فوق نهر دجلة مع بضائع كثيرة على أرماث ليست من الخشب كالقوارب لكنها تصنع من مجموعة من الأحطاب المربوطة إلى بعضها فوق أجربة منفوخة بالهواء يطلق عليها اسم الكلك ومزية الزقاق أي الأجرية أنها تطوف فوق المياه مهما كانت ضحلة ولا تنكسر الأحطاب إذا ارتطمت بمواضع صخرية في النهر بعكس الأخشاب واستعمال الأكلاك في دجلة منتشر جدا شمال بغداد ، وهي تحمل بضائع مختلفة غالية القيمة قد يبلغ ثمنها أكثر من مئة ألف سكودو (٢) علاوة على المسافرين ، لكن الأكلاك لا تسير عكس التيار لذا فبعد ان تصل إلى بغداد تحل الأجربة وتعاد إلى الموصل عن طريق البر أو تباع في السوق لتستعمل في أغراض أخرى مختلفة.
لقد ذكر «زينوفون» (٣) في تاريخه أن جنديا من رودس اقترح على قائده استعمال الزقاق أو الأجربة المربوطة ربطا محكما إلى بعضها وشد الأحطاب عليها لعبور جماعته فوق دجلة ، فراقت الفكرة في عيني قائد الحملة لكنه لم يطبقها لأسباب حالت دون ذلك. كما ورد ذكر الأكلاك في مؤلفات الأقدمين ..
يمر نهر دجلة بالمدينة فيشطرها إلى شطرين كما ألمحت ، ويقوم على النهر جسر واحد مكوّن من مجموعة من القوارب العريضة يبلغ عددها ٢٩ ـ ٣٠ قاربا ، وعند ما يرتفع مستوى الماء فإنهم يضيفون عددا من القوارب.
__________________
(١) المعروف أن واسطة الري عند أهل بغداد كانت الكرود (جمع كرد) وكانت كثيرة منتشرة في مختلف أطراف بغداد على نهر دجلة انظر : كاظم سعد الدين : الكرود ، مجلة التراث الشعبي ١٠ (١٩٧٩) عدد ١١ ص ٨٩.
(٢) تعني لفظة سكودو في الأصل الترس وقد أطلقت على الدينار الذي فيه صورة الترس منذ عهد الرومان انظر : الكرملي : النقود ص ١٤٨.
(٣) انظر مجلة المورد ٤ (١٩٧٥) ٢ : ص ١٤٨ ؛ حملة العشرة آلاف ص ١٦٥.