بكر ثم بكى ثم قال : « إننا لكائنون بعدك » (١).
ثم فتحت صحيح البخاري وفيه دخل عمر بن الخطاب على حفصة وعندها أسماء بنت عميس فقال ـ حين رآها ـ من هذه؟ قالت : أسماء بنت عميس ، قال عمر : الحبشية هذه ، البحرية هذه. قالت أسماء نعم ، قال سبقناكم بالهجرة فنحن أحق برسول الله منكم. فغضبت وقالت كلا والله ، كنتم مع رسول الله يطعم جائعكم ويعظ جاهلكم وكنا في دار أو في أرض البعداء البغضاء بالحبشة وذلك في الله وفي رسوله وأيم الله لا أطعم طعاما ولا أشرب شرابا حتى أذكر رسول الله صلىاللهعليهوآله ونحن كنا نؤذى ونخاف وسأذكر ذلك للنبي أسأله والله لا أكذب ولا أزيغ ولا أزيد عليه ، فلما جاء النبي صلىاللهعليهوآله قالت يا نبي الله ، عمر قال كذا وكذا قال فما قلت له قالت كذا وكذا. قال : ليس بأحق بي منكم وله ولاصحابه هجرة واحدة ولكم أنتم أهل السفينة هجرتان قالت فلقد رأيت أبا موسى وأصحاب السفينة يأتونني أرسالا يسألونني عن هذا الحديث ما من الدنيا شيء هم به أفرح ولا أعظم ما في أنفسهم مما قال لهم النبي (ص) (٢).
وبعد ما قرأ الشيخ العالم والحاضرون معه الاحاديث تغيرت وجوههم وبدأوا ينظرون بعضهم إلى بعض ينتظرون رد العالم الذي صدم فما كان منه إلا أن رفع حاجبيه علامة التعجب وقال : ( وقل رب زدني علما ).
فقلت : إذا كان رسول الله صلىاللهعليهوآله هو أول من شك في أبي بكر ولم يشهد عليه لانه لا يدري ماذا سوف يحدث من بعده ، وإذا كان رسول الله صلىاللهعليهوآله لم يقر بتفضيل عمر بن الخطاب على أسماء بنت عميس بل فضلها عليه ، فمن حقي أن أشك وأن لا أفضل أحدا حتى أتبين وأعرف الحقيقة ومن المعلوم أن هذين الحديثين يناقضان كل الاحاديث الواردة في فضل أبي بكر وعمر ويبطلانها ، لانهما أقرب إلى الواقع المعقول من أحاديث الفضائل المزعومة ؛ قال الحاضرون! وكيف ذلك؟.
قلت : إن رسول الله صلىاللهعليهوآله لم يشهد على أبي بكر وقال له إنني لا أدري ماذا
__________________
( ١ ) موطأ الامام مالك ج ١ ص ٣٠٧. المغازي للواقدي ص ٣١٠.
( ٢ ) صحيح البخاري ج ٣ ص ٣٨٧ باب غزوة خيبر.