يعني حكم الله ولان الاجتهاد فيه حرية وعدم إلتزام بالقيود وربما يسمونه الحكم الديمقراطي يعني حكم الشعب فالذين اجتمعوا في السقيفة بعد وفاة النبي صلىاللهعليهوآله ألغوا الحكومة الثيوقراطية التي أسسها رسول الله على مبدأ النصوص القرآنية ، وأبدلوها بحكومة ديمقراطية يختار الشعب فيها من يراه صالحا لقيادته ، على أن أولئك الصحابة لم يكونوا ليعرفوا كلمة « الديمقراطية » لانها ليست عربية ولكنهم يعرفون نظام الشورى (١).
فالذين لا يقبلون النص على الخلافة ـ اليوم ـ هم أنصار « الديمقراطية » ويفتخرون بذلك مدعين أن الاسلام هو أول من ارتأى هذا النظام ، وهم أنصار الاجتهاد والتجديد وهم اليوم أقرب ما يكونون من النظم الغربية ولذلك نسمع اليوم من الحكومات الغربية تمجيدا لهؤلاء وتسميتهم بالمسلمين المتطورين والمتسامحين.
أما الشيعة أنصار « الثيوقراطية » أو حكومة الله والذين يرفضون الاجتهاد مقابل النص ويفرقون بين حكم الله والشورى ، فالشورى عندهم لا علاقة لها بالنصوص وإنما الاجتهاد والشورى في ما لا نص فيه ، أفلا ترى أن الله سبحانه هو الذي اختار رسوله محمدا ومع ذلك قال له : ( وشاورهم في الأمر ) (٢). أما في ما يتعلق باختيار القادة الذين يقودون البشرية فقال : ( وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة ) (٣). فالشيعة إذ يقولون بخلافة الامام علي بعد رسول الله إنما يتمسكون بالنص وهم إذ يطعنون في بعض الصحابة إنما يطعنون في الذين أبدلوا النص بالاجتهاد فضيعوا بذلك حكم الله ورسوله ، وفتحوا في الاسلام رتقا لم يلتئم حتى اليوم. ومن أجل هذا أيضا نجد الحكومات الغربية ومفكريهم ينبذون الشيعة ويسمونهم بالتعصب الديني ويسمونهم رجعيين لانهم يريدون الرجوع إلى القرآن الذي يقطع يد السارق ويرجم الزاني ويأمر بالجهاد في سبيل الله وكل ذلك عندهم عنجهية بربرية.
وفهمت خلال هذا البحث لماذا أغلق بعض علماء أهل السنة والجماعة باب
__________________
( ١ ) رغم أنه في الواقع لم يحصل حتى هذا النوع من الانتخاب إذ أن الذين انتخبوا لا يملكون حق تمثيل الامة بأي وجه من الوجوه
(٢) سورة آل عمران ـ آية ١٥٩.
(٣) سورة القصص ـ آية ٦٨.