علمية؟ أجبتهم : عندنا جامعات ومدارس ، وانهالت علي الاسئلة من كل جانب ، وكلها أسئلة مركزة ومحرجة ، فماذا أقول لهؤلاء الابرياء الذين يعتقدون أن في العالم الاسلامي كله حوزات علمية تدرس الفقه وأصول الدين والشريعة والتفسير ، وما يدرون أن في عالمنا الاسلامي وفي بلداننا التي تقدمت وتطورت ، أبدلنا المدارس القرآنية بروضات للاطفال يشرف عليها راهبات نصرانيات فهل أقول لهم إنهم ما زالوا « متخلفين » بالنسبة إلينا؟.
وسألني أحدهم : ما هو المذهب المتبع في تونس؟ قلت : المذهب المالكي ، قال : ألا تعرفون المذهب الجعفري؟ فقلت : خير إن شاء الله ، ما هذا الاسم الجديد؟ لا ، نحن لا نعرف غير المذاهب الاربعة وما عداها فليس من الاسلام في شيء.
وابتسم قائلا : عفوا ، أن المذهب الجعفري هو محض الاسلام ، ألم تعرف بأن الامام أبا حنيفة تتلمذ على يد الامام جعفر الصادق؟ وفي ذلك يقول أبو حنيفة : « لولا السنتان لهلك النعمان » ، سكت ولم أبد جوابا ، فقد أدخل علي أسما جديدا ما سمعت به قبل ذلك اليوم ولكني حمدت الله أنه ـ أي إمامهم جعفر الصادق ـ لم يكن أستاذا للامام مالك وقلت نحن مالكية ولسنا أحنافا.
فقال : أن المذاهب الاربعة أخذ بعضهم عن بعض فأحمد بن حنبل أخذ عن الشافعي والشافعي أخذ عن مالك وأخذ مالك عن أبي حنيفة وأبوحنيفة أخذ عن جعفر الصادق وعلى هذا فكلهم تلاميذ لجعفر بن محمد ، وهو أول من فتح جامعة إسلامية في مسجد جده رسول الله وقد تتلمذ على يديه أكثر من أربعة آلاف محدث وفقيه ، وعجبت لهذا الصبي الذكي الذي يحفظ ما يقول مثل ما يحفظ أحدنا سورة من القرآن ، وقد أدهشني أكثر عندما كان يسرد علي بعض المصادر التاريخية التي يحفظ عدد أجزائها وأبوابها ، وقد استرسل معي في الحديث وكأنه أستاذ يعلم تلميذه ، وشعرت بالضعف أمامه ، وتمنيت لو أني خرجت مع صديقي ولم أبق مع الصبيان ، فما سألني أحدهم عن شيء يخص الفقه أو التاريخ إلا وعجزت عن الجواب ؛ سألني من أقلد من الائمة؟ قلت : الامام مالك! قال : كيف تقلد ميتا بينك وبينه أربعة عشر قرنا ، فإذا أردت أن تسأله الآن عن مسألة مستحدثة فهل يجيبك؟ فكرت قليلا وقلت : وأنت جعفرك مات أيضا