العصر سمعت أحد الخطباء يلقي درسا وسط جماعة من المصلين ، واتجهت وعلمت من بعض الجالسين أنه قاضي المدينة ، واستمعت إليه وهو يفسر بعض آيات من الذكر الحكيم ، وبعد ما أتم ، درسه وهم بالخروج استوقفته وسألته قائلا : سيدي هل لك أن تعطيني مدلول الآية من قوله تعالى : ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) (١).
فمن هم أهل البيت المقصودون بهذه الآية؟ أجابني على الفور : هم نساء النبي وقد بدأت الآية بذكرهن ( يا نساء النبي لستن كأحد من النساء أن اتقيتن ).
قلت له : إن علماء الشيعة يقولون بأنها خاصة بعلي وفاطمة والحسن والحسين ، وقد اعترضت عليهم طبعا وقلت بأن بداية الآية تقول : «يا نساء النبي» ، فأجابوني لما كان الكلام عليهن جاءت الصيغة كلها بنون النسوة ، فقال تعالى : لستن ، ان اتقيتن ، فلا تخضعن ، وقلن ، وقرن في بيوتكن ، ولا تبرجن ، وأقمن الصلاة ، وآتين الزكاة ، وأطعن الله ورسوله ، ولما كان هذا المقطع من الآية خاضعا بأهل البيت تغيرت الصيغة فقال : ليذهب عنكم ، ويطهركم ، فنظر إلي رافعا نظارته وقال : إياك وهذه الافكار المسمومة ، إن الشيعة يؤولون كلام الله على حسب أهوائهم ولهم في عليّ وذريته آيات لا نعرفها وعندهم قرآن خاص يسمونه مصحف فاطمة ، فأنا أحذرك أن يخدعوك.
قلت : لا تخف يا سيدي فأنا على حذر وأعرف عنهم الكثير ولكني أردت أن أتحقق ، قال : من أين أنت ، قلت من تونس ، قال فما اسمك؟ قلت : ـ التيجاني فضحك مفتخرا ، وقال هل تدري من هو أحمد التيجاني؟ قلت هو شيخ الطريقة ، قال وهو عميل للاستعمار الفرنسي ، وقد تركز الاستعمار الفرنسي في الجزائر وتونس بإعانته ، وإذا زرت باريس فاذهب للمكتبة القومية واقرأ بنفسك القاموس الفرنسي في باب « أ » فسترى أن فرنسا أعطت وسام الشرف لاحمد التيجاني الذي قدم لها خدمات لا تقاس فتعجبت من قوله وشكرته وودعته وانصرفت.
بقيت في المدينة أسبوعا كاملا حيث صليت أربعين صلاة وزرت المزارات كلها ،
__________________
( ١ ) سورة الاحزاب : آية ٣٢.