لمضر ثلاثمائة ولربيعة مائتين (١) وفضل الاوس على الخزرج (٢).
فأين هذا التفضيل من سنة رسول الله؟ ونسمع عن علم عمر بن الخطاب الكثير الذي لا حصر له حتى قيل أنه أعلم الصحابة وقيل أنه وافق ربه في كثير من آرائه التي ينزل القرآن بتأييدها في العديد من الآيات التي يختلف فيها عمر والنبي صلىاللهعليهوآله . ولكن الصحيح من التاريخ يدلنا على أن عمر لم يوافق القرآن حتى بعد نزوله ، عندما سأله أحد الصحابة أيام خلافته فقال : يا أمير المؤمنين أني أجنبت فلم أجد الماء فقال له عمر : لا تصل واضطر عمار بن ياسر أن يذكره بالتيمم ولكن عمر لم يقنع بذلك وقال لعمار : إنا نحملك ما تحملت (٣).
فأين عمر من آية التيمم المنزلة في كتاب الله وأين علمه من سنة النبي صلىاللهعليهوآله الذي علمهم كيفية التيمم كما علمهم الوضوء ، وعمر نفسه يعترف في العديد من القضايا بأنه ليس بعالم ، بل بأن كل الناس أفقه منه حتى ربات الحجال وبقوله عدة مرات ، لولا علي لهلك عمر ، ولقد أدركه الاجل ومات ولم يعرف حكم الكلالة التي حكم فيها بأحكام متعددة ومختلفة كما يشهد بذلك التاريخ.
قأين هذا العلم يا أولي الأيصار؟ كذلك نسمع عن بطولة عمر وشجاعته وقوته الشيء الكثير حتى قيل إن قريش خافت عندما أسلم عمر ، وقويت شوكة المسلمين بإسلامه ، وقيل إن الله أعز الاسلام بعمر بن الخطاب وقيل إن رسول الله لم يجهر بدعوته إلا بعد إسلام عمر ، ولكن التاريخ الثابت الصحيح ، لا يوقفنا على شيء من هذه البطولة والشجاعة ، ولا يعرف التاريخ رجلا واحدا من المشاهير أو حتى من العاديين الذين قتلهم عمر بن الخطاب في مبارزة أو في معركة كبدر وأحد والخندق وغيرها ، بل العكس هو الصحيح فالتاريخ يحدثنا أنه هرب مع الهاربين في معركة أحد وكذلك هرب يوم حنين ، وبعثه رسول الله لفتح مدينة خيبر فرجع مهزوما ، وحتى السرايا التي شارك فيها كان تابعا
_________________
( ١ ) تاريخ اليعقوبي ج ٢ ـ ص ١٠٦.
( ٢ ) فتوح البلدان ص ٤٣٧.
( ٣ ) صحيح البخاري ـ ج ١ ـ ص ٥٢.