وقد حاول البعض رفع التناقض : بأن من المحتمل أن يكون قد رفع ، ثم وضع ، ثم فقد من بين القتلى (١).
ونقول : إن صريح الروايات حسبما تقدم : أن فقده من بين القتلى مستند إلى رفعه حين قتله كما يدل عليه سؤال عامر بن الطفيل عمرو بن أمية عمن يفقد ، فأخبره ، فقال عامر : إنه حين قتل رآه يرفع إلى السماء ، فهو يذكر له سبب فقده من بين القتلى ، كما هو ظاهر.
هذا بالإضافة إلى النص القائل : إن فقدهم له قد نشأ عنه قولهم : إنه رفع إلى السماء.
ثالثا : لقد روى ابن مندة بأسناده عن أيوب بن سنان ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر ، عن عامر بن فهيرة ، قال : تزود أبو بكر مع رسول الله «صلى الله عليه وآله» في جيش العسرة بنحي من سمن ، وعكيكة (٢) من عسل ، على ما كنا عليه من الجهد (٣).
ومعنى ذلك هو : أن عامر بن فهيرة قد كان حيا إلى ما بعد ست سنين أو أكثر من غزوة بئر معونة ، حيث كان تجهيز جيش العسرة إلى تبوك.
ولكن أبا نعيم قال : أظهر ـ يعني : ابن مندة ـ في روايته هذا الحديث غفلته وجهالته ، فإن عامرا لم يختلف أحد من أهل النقل : أنه استشهد يوم
__________________
ص ١٧٣ وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص ١٩٦ والسيرة النبوية لدحلان ج ١ ص ٢٥٩ وعمدة القاري ج ١٧ ص ١٧٥.
(١) راجع : السيرة النبوية لدحلان ج ١ ص ٢٥٩.
(٢) النحي : إناء السمن. العكيكة : إناء السمن أو غيره.
(٣) أسد الغابة ج ٣ ص ٩١ والإصابة ج ٢ ص ٢٥٦.